عنوان الفتوى : أحوال إلقاء لفظ الطلاق الصريح وحكمها
متزوج ولي ولدان أسكن في مكان عملي بعيداً عن الأهل نشبت بيني وبين زوجتي مشادات كلامية تفوهت من خلالها أنت مطلقة ثلاث مرات ومحرمة عليَّ مثل أمي وبكل قناعة مني لعدم القبول العيش مع أهلي واليوم هي في داري بعد تدخل أهل الخير الرجاء منكم التوضيح الديني وما العمل المطلوب مني القيام به وللعلم أن الأولاد هم سبب القبول من ناحية الدين و شكرا لكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قولك لزوجتك أنت مطلقة، لفظ صريح يقع به الطلاق، دون افتقار إلى نية باتفاق جمهور الفقهاء، ولا يخلو تلفظك بهذه الكلمة مكررة من أحوال أربعة:
الحالة الأولى: أن تكون قلت لزوجتك "أنت مطلقة ثلاثاً" وهذه الصيغة في الطلاق، تقع ثلاثاً عند جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم -وهو الراجح إن شاء الله- ولمعرفة المزيد عن وقوع الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد راجع الفتوى رقم:
3680
الحالة الثانية: أن تكون قلت لزوجتك "أنت مطلقة، أنت مطلقة، أنت مطلقة" أو "أنت مطلقة، مطلقة، مطلقة" بدون استخدام أدوات العطف، ففي هذه الحالة تقع الطلقة الأولى فقط إن نويت بالثانية والثالثة التأكيد لها وتقع الثلاث إن نويت بكل واحدة منها تأسيساً أي إنشاء طلاق جديد، وهذا مذهب جمهور العلماء .قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال: أردت التوكيد، قبل منه، لأن الكلام يُكرر للتوكيد، كقوله عليه الصلاة والسلام "فنكاحها باطل باطل باطل" وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثاً .انتهى. وراجع الفتوى رقم:
7933
الحالة الثالثة: أن تكون قلت لزوجتك "أنت مطلقة ومطلقة ومطلقة" بحرف العطف (الواو) أو بغيره كالفاء وثم، ففي هذه الحالة، يقع الطلاق ثلاثاً ولو بدون نية، وهذا هو قول جمهور الفقهاء من الحنابلة والمالكية والشافعية والحنفية، وللشافعية تفصيل في المسألة ليس هذا محل ذكره.
قال في مختصر خليل: وإن كرر الطلاق بعطف بواو أو فاء أو ثم، فثلاث إن دخل. انتهى.
ومعنى (إن دخل) هو أن هذا الحكم مخصوص بالمدخول بها دون المعقود عليها بدون دخول.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن قال: أنت طالق وطالق وطالق، وقال: أردت بالثانية التأكيد لم يقبل لأنه غاير بينها وبين الأولى بحرف يقتضي العطف والمغايرة، وهذا يمنع التأكيد.انتهى.
الحالة الرابعة: أن تكون قلت لزوجتك "أنت مطلقة" وبعد مُضي زمن طويل عرفاً، قلت لها ذلك مرة أخرى، وهكذا، ففي هذه الحالة تقع الثلاث، ولا تفيد نية التأكيد شيئاً عند الشافعية والحنابلة.
قال في المغني: فإن قال: أنت طالق ثم مضى زمن طويل، ثم أعاد ذلك للمدخول بها، طلقت ثانية، ولم يقبل قوله: نويت التوكيد، لأن التوكيد تابع للكلام، فشرطه أن يكون متصلاً به، كسائر التوابع من العطف والصفة والبدل.انتهى.
وقال الخطيب في مغني المحتاج: وإن قال "أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق" وتخلل فصل فثلاث، سواء أقصد التأكيد أم لا، لأنه خلاف الظاهر. انتهى.
وذهب المالكية في هذه الحالة، إلى الأخذ بقول المطلق إن ادَّعى التأكيد، قال الدسوقي في حاشية الشرح الكبير: وتقبل نية التأكيد في المدخول بها، ولو طال ما بين الطلاق الأول والثاني.انتهى.
والراجح -والله أعلم- في هذه الحالة، أن الطلاق يقع لأنه الظاهر أنه تأسيس، إلا إذا دلت قرينة لفظية أو حالية، على أنه أراد التأكيد، فإنه يقبل قوله، وأما قولك لها "ومحرمة عليَّ مثل أمي" فقد سبق الجواب عن ذلك برقم:
14771
ولمعرفة حكم طلاق الغضبان راجع الفتوى رقم:
8628 والفتوى رقم: 2182
ولمعرفة حكم الطلاق في زمن الحيض راجع الفتوى رقم:
15478
ولمعرفة حكم طلاق الحامل راجع الفتوى رقم:
10464
وليعلم الأخ السائل أنه كان ينبغي عليه أن يمسك لسانه، ولا يتفوه بالطلاق إلا بعد بحث الأمر ودراسته تجنباً للوقوع في الحيرة والقلق، وحفاظاً على بيته من الانهدام، وعليك بالرجوع إلى المحاكم الشرعية في بلدك فإنها جهة الاختصاص المخولة بالقضاء في مثل هذه الأمور، وهي رافعة للخلاف الواقع بين العلماء في مسائل الطلاق الفرعية الاجتهادية.
والله أعلم.