عنوان الفتوى : حكم الدعاء على الطغاة الظلمة وسبهم
حكم سب الرئيس الظالم المستبد والدعاء عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس بالدعاء على الظالم، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.. يدعو لرجال فيسميهم فيقول: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم الدعاء على الذين غرروا بأصحابه عند بئر معونة من قبائل رعل وذكوان وبني لحيان وعصية، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم دعا عليهم ثلاثين صباحاً، والقصة في صحيح البخاري، كما صح أنه كان يدعو على مضر.
وقد ثبت في الصحيح أن سعد بن أبي وقاص دعا على من ظلمه، وأن سعيد بن زيد دعا على امرأة ظلمته فاستجيب لهما.
وفي القرآن الكريم عن موسى عليه الصلاة والسلام: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس:88].
وأما سب الفاسق والمعلن بفجوره وجرائمه بما هو فيه فهو جائز .
جاء في سبل السلام: وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ سَبِّهِ بِمَا هُوَ مُرْتَكِبٌ لَهُ مِنْ الْمَعَاصِي فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْلِمِ فِي الْحَدِيثِ الْكَامِلُ الْإِسْلَامِ، وَالْفَاسِقُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَبِحَدِيثِ: «اُذْكُرُوا الْفَاسِقَ بِمَا فِيهِ كَيْ يَحْذَرَهُ النَّاسُ» ، وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. وَأَنْكَرَهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءِ، فَإِنْ صَحَّ حَمَلَ عَلَى فَاجِرٍ مُعْلِنٍ بِفُجُورِهِ أَوْ يَأْتِي بِشَهَادَةِ أَوْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ حَالِهِ لِئَلَّا يَقَعَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ. انْتَهَى كَلَامُ الْبَيْهَقِيّ، وَلَكِنَّهُ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ رِجَالَهُ مَوْثُوقُونَ وَأَخْرَجَهُ فِي الْكَبِيرِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ قَالَ: خَطَبَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: حَتَّى مَتَى تَرْعَوُونَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاجِرِ اهْتِكُوهُ حَتَّى يَحْذَرَهُ النَّاسُ . وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ: مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ فَلَا غِيبَةَ لَهُ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ: كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إلَّا الْمُجَاهِرُونَ. وَهُمْ الَّذِينَ جَاهَرُوا بِمَعَاصِيهِمْ فَهَتَكُوا مَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَيُبِيحُونَ بِهَا بِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا حَاجَةٍ، وَالْأَكْثَرُ يَقُولُونَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْفَاسِقِ: يَا فَاسِقُ، وَيَا مُفْسِدُ، وَكَذَا فِي غِيبَتِهِ بِشَرْطِ قَصْدِ النَّصِيحَةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لِبَيَانِ حَالِهِ أَوْ لِلزَّجْرِ عَنْ صَنِيعِهِ لَا لِقَصْدِ الْوَقِيعَةِ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدٍ صَحِيحٍ. انتهى.
والله أعلم.