عنوان الفتوى : هل يصلي صاحب السلس قاعدا إن كان ينقطع بالقعود
أنا شاب مصاب بسلس الريح و عندي إشكالات فأرجوكم أجيبوني 1- هل يجب على صاحب سلس الريح أن يصلي قاعدا إذا علم أن القعود قد يجعله محافظا على الطهارة أكثر من ما لو صلى بركوع و سجود ؟؟ أقصد أن يومئ رأسه في الركوع و السجود ؟2- ماذا لو كان الوضع مضطربا. أي أنه لا يضمن ضمانا جازما بأنه لو صلى قاعدا فإن وضوءه لن ينتقض ؟؟..3- هل يؤاخذ لو صلى قائما وركع و سجد في الصلاة . وأدى هذا الركوع و السجود لخروج الريح منه أو رفع قدمه في الوضوء للمغسلة كي يغسلها و أدى ذلك لانتقاض وضوئه ؟؟و هل يجب عليه الإعادة حيث إن هذا يشكل كثيرا على أصحاب سلس الريح . لأنه من المعروف أن الركوع و السجود و رفع القدم للمغسلة عند الوضوء لغسلها كل ذلك يسبب انضغاط البطن فيؤدي ذلك لخروج الغازات أحيانا. لكن هذا ليس دائما فقد تخرج الغازات وأنا قائم لكن حبسها يكون أسهل من لو كان راكعا أو ساجدا. وقد أخذت بقول ابن حنبل : قال منصور البهوتي رحمه الله : "ومن لم يلحقه السلس إلا راكعا أو ساجدا ركع وسجد نصا (أي : نص عليه الإمام أحمد) ولا يكفيه الإيماء" وذلك لأن الوضع مضطرب فليس بشرط أن تخرج الغازات منك حال السجود أو الركوع وإن كان خروجها في ذاك الوقت أكثر احتمالا و هذا شيء طبيعي جدا بسبب انضغاط البطن . ولذلك أصلي قائما و لا أصلي قاعدا. 4 - (( وهنا إشكال مهم بالنسبة لي )). هل يؤاخذ صاحب سلس الريح إذا أكل لأن الأكل قد يزيد الغازات ؟؟وهذا يا أحبة قد شق علي و قد يسبب الاستمرارية في ترك الأكل حتى آخر الليل إلى تقرح المعدة حيث إنني أحيانا لا آكل شيئا من الصباح حتى صلاة العشاء أي إنني آكل وجبة واحدة في اليوم , حتى لا تزيد علي الغازات. لكن في ذلك خطورة شديدة علي إن استمررت خصوصا أنني بدأت أشعر بعواقب ذلك العمل و الله المستعان من نزول دم مع مخاط مع البراز _ أكرمكم الله _ و قد يكون هذا بسبب تقرح المعدة نتيجة كونها خالية، فتبدأ المادة الهاضمة بالاحتكاك بجدار المعدة لأنها لاتجد ما تهضمه. 5 - هل يجب علي قضاء الصلاة التي انتقض علي فيها الريح إذا وجدت وقتا آخر قد خفت الغازات فيه مثلا : لم أجد وقتا كافيا في الظهر لأصلي بطهارة صحيحة. فتوضأت و صليت على حالي تلك قبل خروج الوقت، ثم بعد ذلك وجدت وقتا كافيا بدون أن تضايقني الغازات في وقت العصر. فهل يجب علي أن أصلي الظهر أولا (( قضاء علما أنني صليتها في وقتها سابقا )) ثم أصلي العصر أداء؟؟ أو أصلي العصر أولا ثم أصلي الظهر أم أنه لا يجب علي قضاء صلاة الظهر أصلا ؟؟6 - (( استشكال مهم جدا كذلك و هو شبيه بالنقطة الخامسة )) : بما أن الغازات عندي يا شيخ مضطربة .أي أنني لا أستطيع أن أخمن وقتا موثوقا أصلي فيه بطهارة صحيحة إلا ما ندر فإني قد أخذت بحكم صاحب السلس متوكلا على الله و أسأل الله تعالى الشفاء من مرضيلكن يشكل علي هذا الأمر كثيرا من ناحية مهمة وهي: ماذا لو وجد صاحب سلس الريح وقتا قد انقطعت فيه الغازات و هو قد صلى قبل انقطاعها دون علمه وذلك لاضطرابها . هل تجب عليه الصلاة مرة أخرى ؟؟مثال توضيحي: بما أن وضع الغازات عندي مضطرب كما ذكرت آنفا . و قد دخل وقت الفجر الصادق فإنني أتوضأ بعد دخول الوقت و أذهب لأصلي الفجر مع الجماعة و صليت على حالي تلك.لكن بعد الانتهاء من الصلاة .. و قبل الشروق مثلا بحدود نصف ساعة .. انقطعت الغازات فجأة كما ذكرت هذه مشكلة تواجه الكثير من أصحاب السلس شفاهم الله وهو اضطراب السلس. فهل يجب علي في هذه الحال الوضوء و إعادة الصلاة مرة أخرى ؟؟كنت أفعل هذا كثيرا ثم امتنعت عن هذا لأني و يعلم الله أجد مشقة بالغة جدا. ناهيك أن كثيرا من الوقت يضيع بسبب التحين و الترقب و الترصد لوقت تنقطع فيه الغازات.وأنا و الحمدلله على كل حال أعاني من سلس بول و سلس ريح . أي أن كلا المرضين مجتمعان عندي. إلا أن سلس البول في الآونة الأخيرة أصبح يقل نوعا ما. و أسأل الله تعالى لشفاء من كلا المرضين . أحبتي في الله من المشائخ الفضلاء .. أعلم و الله أني أكثرت الأسئلة .. لكن جميع هذه الأسئلة تصب في موضوع واحد. فأرجو منكم فضلا لا أمرا التعريج على النقاط السابقة بالتفصيل نقطة نقطة. و أحسب إن شاء الله أن هذه الأسئلة ستفيدني و تفيد غيري من أصحاب السلس لكونها شاملة نوعا ما, و جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فنظرا لطول السؤال فإن جوابنا يتلخص في النقاط التالية:
أولا : بالنسبة لصاحب السلس إن علم أنه لو صلى قاعدا انقطع سلسه بخلاف ما لو صلى قائما، فإنه والحالة هذه يصلي قاعدا على القول الأصح.
جاء في الإقناع من كتب الشافعية: لو كان به سلس بول لو قام سال بوله وإن قعد لم يسل فإنه يصلي من قعود على الأصح بلا إعادة. اهــ .
وقال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يجب بفرض قيام إلا لمشقة أو خوف ضرر أو خروج ريح بالقيام والأمن من ذلك بالقعود فيصلي قاعداً، قاله ابن عبد الحكم؛ إذ المحافظة على الشرط الواجب في كل العبادة أولى من المحافظة على الركن الواجب في الجملة. اهــ
ثانيا : إذا كان لا يدري هل ينقطع الخارج إذا صلى جالسا أم لا فإنه يصلي قائما لأن القيام في الفريضة فرض ولا يسقط لأمر مشكوك فيه .
ثالثا: المصاب بانفلات الريح الذي لا يجد في أثناء وقت الصلاة زمنا ينقطع فيه الريح يتسع لفعلها بطهارة صحيحة، فالواجب عليه هو أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويصلي بوضوئه ذاك الفرض وما شاء من النوافل. وانظر لبيان ضابط الإصابة بالسلس ومنه سلس الريح في الفتوى رقم: 119395. فإذا فعل ما عليه وأدى ركوعه أو سجوده إلى خروج الريح.. أو رفع قدمه في الوضوء للمغسلة ليغسلها وأدى ذلك لخروج الريح فلا شيء عليه في ذلك ولا إعادة.
رابعا : لا يطالب صاحب السلس بالامتناع عن الطعام أو الشراب لأن في هذا ضررا عليه، ولكن لو فرض أنه لو امتنع عن تناول نوع معين من المطعومات أو المشروبات لانقطع سلس الريح، فإنه ينبغي تجنب تلك المطعومات والمشروبات إذا لم يترتب على تجنبها ضرر، مراعاة لقول من قال من الفقهاء إن السلس إذا أمكن علاجه كان ناقضا للوضوء.
قال في منح الجليل عند قول خليل في مختصره في الفقه المالكي وهو يعطف على ما ينقض الوضوء : كسلس مذي قدر على رفعه (أي) بتداوٍ أو صوم لا يشق عليه، أو تزوج أو تسر ويغتفر له زمن التداوي والخطبة والشراء... إلى أن قال: ولا مفهوم لمذي إذ كل سلس قدر على رفعه ناقض مطلقاً ... اهـ .
وهذا لا يعني أنه يطالب بالتقليل من الطعام والشراب إلى حد الضرر أو المشقة كما وقع للسائل.
خامسا : إذا صلى صاحب السلس في الوقت ثم انقطع الخارج بعد خروج الوقت أو قبل خروجه فإنه لا يطالب بإعادة تلك الصلاة.
ونحسب أن ما ذكرناه يكفي لجميع ما أثاره السائل، مع تحذيرنا له من الوسواس في هذا الأمر فإن له أسئلة سابقة تشم منها رائحة الوسوسة في موضوع السلس وانتقال النجاسة ونحو ذلك، وانظر ضابط السلس في الفتوى رقم 119395 وكذا الفتوى رقم: 158907.
والله تعالى أعلم