عنوان الفتوى : أعمال المشاحن الصالحة.. مقبولة أم مردودة
أعلم حرمة الخصومة مع المسلم وتشتد حينما يكون الهجر مع الوالدين أو الأرحام، و أعلم أيضا أن على المسلم أن يسارع بمصالحة أي أحد من هؤلاء، ولكن إذا وقع هذا الشر وكان المتخاصم- لطبيعة النفس البشرية التي لا تعصم من الخطأ-لا يستطيع تسوية هذه المشاحنة الآن, فسؤالي عن عمله هل يرد عليه أم يعلق فقط حتى ينتهي الهجر؟ وماذا عن النوافل التي كان يؤديها قبل هذه الخصومة فقد يكف عنها لإحساسه أن الله لا يقبل منه أو أن عمله مردود فهل يؤديها كما كان أم أن عمله هذا مردود؟ وماذا لو مات على ذلك هل عليه إثم الهجر مع رد أعماله التي عملها أثناء فترة الهجر أو القطيعة أم يوفى أجره كاملا مع إثم القطيعة؟ جزاكم الله خيرا ورجاء الإجابة على هذا الشق فأنا أعلم أن المسارعة بالتوبة واجبة ولكن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث كما في الصحيحين وغيرهما، وأحرى إذا تعلق الأمر بالوالدين أو أحدهما كما سبق بيانه في جملة من الفتاوى، انظر الفتوى: 94038.
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا، انظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
ولا يلزم من هذا الحديث أن العمل باطل أو مردود على المتشاحنين بالكلية؛ ولكن الظاهر أنهما يحرمان من المغفرة التي ينالها كل مؤمن يوم الاثنين ويوم الخميس، وتؤجل المغفرة لهما حتى يصطلحا أو ينتهي هجر من هجر منهما؛ فلم يذكر في الحديث أن العمل يبطل، ولم نقف على من قال بذلك من أهل العلم. وراجع في هذا فتوانا رقم: 136063.
فما يفعله العبد العاصي -بالهجران أو بغيره- من العبادة يعتبر صحيحا، ولكن قبوله إلى الله تعالى إن شاء قبله، وإن شاء رده، والمرجو أن الله سيقبله إن كان صاحبه قد فعله ابتغاء مرضات الله، وإن مات على الهجران فهو عاص وأمره إلى الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء أخذه بمعصيته، ولا ينبغي له أن يكف عن النوافل وأعمال الخير؛ بل ينبغي له أن يكثر منها؛ فإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 7119.
والله أعلم.