عنوان الفتوى : حكم توكيل الموكَل لغيره
أنا خاطب وكنت أعمل في مؤسسة خاصة لمدة 3 سنوات ثم تم فصلي جمعت مبلغا من المال لكي يساعدني على الزواج، لكنه لا يكفي طلبت مني أمي الموكلة على الميراث من طرف الورثة الشرعيين برضاهم أن أساعدها على تسيير الميراث المتمثل في أرض فلاحية وعدة دكاكين وستقوم بمساعدتي على إتمام مصاريف الزواج ثم تعطيني راتبا شهريا على هذه الخدمة بعد الزواج, أعجبتني هذه الفكرة حيث إنني نويتها برا للوالدة وفي نفس الوقت هي طريقة لاجتناب بعض المنكرات التي تقع في المؤسسات الخاصة في بلدي إلا من رحم الله، والمشكلة أنه أحيانا تنتابني بعض الهواجس أن هذا الراتب قد لا يدوم طويلا وأخبرتني خطيبتي مرة عن خوفها من هذه الطريقة في صيغة سؤال قائلة لي هل أنت مرتبط بأمك ماديا؟ وحاليا أمي موفية بوعدها فهي تساعدني على إتمام مصاريف الزواج لكن أريد نصيحة كيف أتعامل مع الخطيبة وكيف أبعد عني تلك الهواجس؟ وهل تعتقدون أن كلام خطيبتي بأن هذه لا تعتبر وظيفة مستقرة ويجب علي أن أبحث عن وظيفة في شركة أفضل أم أبر أمي؟ مع العلم بأن العمل في الشركات الخاصة فيه كثير من المعاصي إلا من رحم الله وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أمك قد وكلت فعلا من قبل الورثة بالقيام على هذه الأعمال فيجب عليها أن تتصرف بما تقتضيه مصلحة ما وكلت فيه، فالوكيل يتصرف بمقتضى مصلحة موكله كما نص على ذلك الفقهاء، قال الدردير في أقرب المسالك: فعل الوكيل المصلحة وجوباً، أي يتعين عليه أن يفعل ما فيه المصلحة لموكله. اهـ.
وإذا أذن لأمك في توكيل من شاءت، أو أطلقت لها الوكالة وتطلب العمل اتخاذ من يعينها فيه جاز لها التوكيل، قال ابن قدامة في المغني وهو يبين حالات إطلاق الوكالة: القسم الثاني, أن يكون مما يعمله بنفسه, إلا أنه يعجز عن عمله كله لكثرته وانتشاره, فيجوز له التوكيل في عمله أيضا، لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل, فجاز التوكيل في فعل جميعه كما لو أذن في التوكيل بلفظه. اهـ.
وإذا كان توكيلها لك على سبيل الأجرة فيجب مراعاة شروط صحة الإجارة، ومن ذلك أن تكون الأجرة معلومة، فجهالة الأجرة تفسد عقد الإجارة، وانظر الفتوى رقم: 65418.
وإذا فسدت الإجارة استحق الأجير أجرة المثل، كما بينا بالفتوى رقم: 154485.
وللاستمرار فيها يجب تصحيح الوضع بأن تتوفر شروط الإجارة الصحيحة كأن تكون الأجرة معلومة والمدة معلومة ونحو ذلك.
وبالنسبة لمخطوبتك فليس لها التدخل في أمر عملك، فإن كنت ترى المصلحة في استمرارك في هذا العمل على الوجه المشروع، فاستمر فيه خاصة وأن في ذلك برا بأمك، إضافة إلى اجتناب العمل في المؤسسات التي تكثر فيها المعاصي، وتقوى الله تعالى من أسباب تيسير الأرزاق، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب { الطلاق: 2ـ 3 }.
والله أعلم.