عنوان الفتوى : تأثير العادة السرية على الصيام
أرجو منكم الإجابة على سؤالي و عدم إحالتي. أنا عندي سؤال واحد و لكن به تفاصيل كثيرة: أنا للأسف بدأت العادة السرية في سن صغيرة، و لم أكن أعلم أنها حرام، و لم أكن أعلم أنها مفطرة، في البداية، وأتذكر أني في عام مرت علي فتوى الجماع في رمضان، فبعدما عملت العادة السرية بنهار رمضان بدأت أصوم شهرين متتابعين، ثم بعد ذلك توقفت بعدما علمت الحكم. أما الآن ففجأة أتتني فكرة أنه ربما كنت أفعلها في رمضان الذي قبله وأنا حاولت التذكر دون جدوى، لا أستطيع تذكر أي شيء ولا أستطيع حتى أن أحدد ما غلبة الظن عندي، لأني لا أتذكر ولكن إن كان ولا بد من تحديد غلبة ظن لا محالة فلا أعتقد أني فعلتها قبل ذلك لأني لا أتذكر أني بعدما علمت الحكم هممت بقضاء رمضان الذي سبقه ولكنني لست متيقنا. هذا جانب. أما الجانب الآخر فأنا لا أحب أن أعتقد أني موسوس، و لكن تأتيني الوسوسة أحيانا، كنت أتوضأ في أوقات طويلة جدا وحتى الآن يصيبني شك في الصلاة أحيانا، وأقوم وأصلي زيادة بداعي الشك ولكني أحارب هذه الأحاسيس ولله الحمد. أيضا قرأت على موقعكم أن من علم بحرمة العادة السرية عليه القضاء، و أنا لا أتذكر إن كنت أعلم أنها حرام لكن كنت أحس بالفطرة أنها خطأ، وقد تكون محرمة ولكن لم أعلم حكمها. أيضا قرأت أن الجهل بالحكم حتى في الأشياء مثل الفرائض لا يجعل صاحبه مكلفا بقضائها مثل المسيء في صلاته عندما قال له الرسول أن يعيد الصلاة الحالية ولم يأمره بقضاء السابق. فهل ينطبق ذلك علي؟ هل الأحوط القضاء مع إفطار مسكين عن كل يوم؟ أم أني أكلف نفسي فوق وسعها بأن أقضي ما لا أتذكره ولا أتيقن منه ولا أدري أكنت أعلم بالحكم حينئذ أم لا؟ و هل الحج سبب في مغفرة مثل هذه الأشياء مع التوبة؟ أرجو منكم ردا طويلا شافيا وأسألكم الدعاء لي.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيظهر لنا أن الأخ السائل مبتلى بالوسوسة نسأل الله أن يشفيه منها, وقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن العادة السرية محرمة في رمضان وغيره، وأنها في رمضان أشد وفي نهاره أعظم تحريما, ولا يفسد الصوم بها إلا إذا نزل المني, ومن فسد صومه بها لزمه القضاء فقط ولا تلزمه الكفارة؛ لأن الكفارة تجب بالجماع فقط, ومن فعلها جاهلا بأنها من المفطرات فصومه صحيح ولم يلزمه القضاء حتى ولو نزل المني في المفتى به عندنا كما في الفتوى رقم 143137, والفتوى رقم 150633والفتوى رقم 114275.
وإذا شككت في كونك فعلتها أم لم تفعلها فالأصل عدم الفعل وبراءة الذمة ولم يلزمك شيء، فلا تفتح على نفسك باب الوسوسة , ولا ينبغي لك إعادة الوضوء والصلاة استجابة لداعي الشك، فإن هذا خطوة من خطوات الشيطان يستدرجك بها إلى أن يوقعك في استثقال العبادة ومن ثم تركها، وقد قال تعالى: ... وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ. سورة البقرة : 168.
وأما الحج فهو سبب لمغفرة الذنوب صغيرها وكبيرها لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ. رواه البخاري.
قال الحافظ في الفتح: وَظَاهِرُهُ غُفْرَانُ الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ وَالتَّبِعَاتِ ... اهـ , وانظر الفتوى رقم 133025 حكم من أخل بشرط أو ركن في العبادة جاهلا به, والفتوى رقم 3086 عن الوسواس القهري : ماهيته – علاجه .
والله تعالى أعلم.