عنوان الفتوى : الوقت الذي يؤمر فيه الصبي بالصيام
هل هناك سن محدد للأطفال لصيام رمضان؟ وهل يجوز أن يصوموا نصف يوم أو يأكلوا قليلا ويكملوا صيامهم إلى الفطور؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا يجب الصيام على الطفل الصغير حتى يبلغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ومع ذلك، فينبغي أمر الصبي بالصيام حتى يعتاده، والوقت الذي يبدأ فيه ذلك يختلف باختلاف بنية الولد، وقد حدَّه بعض العلماء بعشر، وبعضهم بسبع، جاء في المغني مع الخرقي: وإذا كان للغلام عشر سنين وأطاق الصيام أخذ به يعني أنه يلزم الصيام يؤمر به ويضرب على تركه ليتمرن عليه ويتعود، كما يلزم الصلاة ويؤمر بها. وممن ذهب إلى أنه يؤمر بالصيام إذا أطاقه عطاء والحسن وابن سيرين والزهري و قتادة والشافعي. انتهى.
وقال النووي في المجموع: قال المصنف والأصحاب: وإذا أطاق الصوم وجب على الولي أن يأمره به لسبع سنين بشرط أن يكون مميزا ويضربه على تركه لعشر، لما ذكره المصنف. انتهى.
ولا ينبغي لولي الصبي التقصير في أمره بالصيام شفقة عليه إذا كان يطيق الصيام دون مشقة، جاء في فتاوي الشيخ ابن عثيمين: نعم يؤمر الصبيان الذين لم يبلغوا بالصيام إذا أطاقوه، كما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفعلون ذلك بصبيانهم، وقد نص أهل العلم على أن الولي يأمر من له ولاية عليه من الصغار بالصوم، من أجل أن يتمرنوا عليه ويألفوه، وتتطبع أصول الإسلام في نفوسهم حتى تكون كالغريزة لهم، ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك، وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام على خلاف ما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يفعلون يدعون أنهم يمنعون هؤلاء الصبيان رحمة بهم وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصبيان أمرهم بشرائع الإسلام، وتعويدهم عليها وتأليفهم لها فإن هذا بلا شك من حسن التربية وتمام الرعاية، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: إن الرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته ـ والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليهم من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم، وأن يأمروهم بما أمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام. انتهى.
وصيام نصف يوم أو تناول بعض الأكل أثناء الصيام ثم إكماله لا يسمى صوما في الشرع، لأن الصوم هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومع ذلك فلا حرج على الصبي في هذا الفعل من باب التدريب له على الصوم، فبما أن الصوم ليس واجبا عليه، فلا حرج في أن يصوم من اليوم ما أراد ويفطر منه متى أراد، قال الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى: صيام الصبي كما أسلفنا ليس بواجب عليه، بل هو سنة، له أجره إن صام، وليس عليه إثم إن أفطر، ولكن على ولي أمره أن يأمره به ليعتاده. اهـ
والله أعلم.