عنوان الفتوى : تعويد الصبي على الطاعة وحمله عليها من مقاصد الشريعة
بنت أختي في العاشرة من عمرها، لم تستطع صوم رمضان كله لأن أمها وأباها منعاها. هل عليها شيء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه البنت لم تبلغ كما هو الظاهر فإنه لا إثم عليها في ترك الصوم، ولا يلزمها قضاء، لأن الصوم إنما يجب بالبلوغ كسائر العبادات. لحديث: رفع القلم عن ثلاثة، وذكر منهم: الصبي حتى يحتلم. ولكن ينبغي أن يناصح أولياؤها ويبين لهم أنه ينبغي لهم أمرها بالصوم إن كانت مطيقة له لا أن يمنعوها منه وهي تريده، ففعلهم هذا خلاف المشروع، وإن كان الحامل لهم على هذا هو الشفقة عليها فإنها شفقة مذمومة، لأن تعويد الصبي الطاعة وحمله عليها من مقاصد الشريعة حتى إذا بلغ يكون معتادا لها فلا تثقل عليه، فعَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ. فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُهُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ، وَنَذْهَبُ إلَى الْمَسْجِدِ فَنَجْعَلُ لَهُمْ اللُّعْبَةَ مِنْ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ مِنْ الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إيَّاهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ. أَخْرَجَاهُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ عُمَرُ لِنَشْوَانَ فِي رَمَضَانَ: وَيْلَكَ وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ وَضَرَبَهُ.
قال الشوكاني: يستحب أمر الصبيان بالصوم للتمرين عليه إذا أطاقوه، وقد قَالَ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ ابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي تَحْدِيدِ السِّنِّ الَّتِي يُؤْمَرُ الصَّبِيُّ عِنْدَهَا بِالصِّيَامِ، فَقِيلَ: سَبْعُ سِنِينَ، وَقِيلَ: عَشْرٌ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. وقال الأوزاعي: إذا أطاق صيام ثلاثة أيام تباعا لا يضعف فيهن حمل على الصوم. ومذهب الجمهور أنه لا يجب الصوم على من دون البلوغ. انتهى باختصار.
والله أعلم.