عنوان الفتوى : هل ترد الشبكة بعينها أم بقيمتها
أرسلت بالأمس سؤالا خاصا بأخي ونسيت إضافة جزء بسيط أرجو أن يؤخذ في الاعتبار، وقد يكون مؤثرا والمشكلة كالآتي: أخي كان خاطبا لفتاة ولم تتم الخطبة، وأفتيتم بوجوب رد الشبكة، لأنها من المهر، وأن الزواج لم يتم، وبالتالي لا حق للفتاة في الشبكة، وحاليا طلب أخي شبكته والمقدرة بحوالي: 12 ألف جنيه، فرد عليه أهل الفتاة بأنه لم يحضر شبكة، وإنما أعطاهم مبلغا ماليا فقط، وهم من اشترى الشبكة، وبالتالي فلا حق له في أخد الذهب، وإنما يأخذ المبلغ الذي دفعه فقط، بالرغم من الآتي: إن الشبكة تم الاتفاق على المبلغ المخصص لها أثناء الاتفاق على باقي الماديات الأخرى، وأخذ أخي المبلغ اليوم التالي، وذهب به إلى أهل العروس، وخرج معهم لانتقاء الشبكة، ولم يوفقوا لشيء يعجبها، واتصل أهل العروس لطلب مبلغ أكبر حيث إن ما أعجبها من الذهب تجاوز المبلغ المتفق عليه للشبكة وتم الاتفاق في النهاية على التصرف في حدود المبلغ المتاح للشبكة، والذي ذهب به أخي فقط لا غير وهو مبلغ 12 ألف جنيه كما سبق وذكرت ولم يوفقوا للشراء في أول يوم نظرا لما حدث، فترك لهم أخي المبلغ بحكم سكننا في محافظة أخرى حتى لا يسافر بمبلغ كبير ليلا على أن يعود في اليوم التالي لمواصلة البحث والفرجة لشراء الشبكة المناسبة، وذهب لهم اليوم التالي لمواصلة البحث لشراء الشبكة المناسبة فأبلغوه أنهم اشتروا بالفعل قبل حضوره وفي غير وجوده، وبالتالي لا يعلم أخي من أين اشترتها ولا يملك فاتورة للذهب المشترى، ولم نر الذهب سوى في الحفل والذي قدمت والدتي لها وقتها خاتما مضافا للشبكة قيمته ألف جنيه ليكون إجمالي الشبكة تقريبا 13 ألف جنيه أي أن المبلغ المذكور تم أخذه لغرض الشبكة وليس لأي غرض آخر كما جرى العرف في اتفاقات الزواج عموما، وقد كان سعر جرام الذهب وقتها 120 جنيها تقريبا، والآن وصل 260 جنيها، فهل يحق للفتاة الاحتفاظ بالذهب رغم أن رأس المال الأساسي يملكه أخي، وأعطاه لها بموجب الاتفاق على شراء شبكة، ويأخذ المبلغ فقط لا غير بعد خصم تكلفة الحفل منه كما قال أهل الفتاة، حيث إن أهل الفتاة هم من قاموا بعمل حفل للخطوبة على نفقتهم؟ أم أنه من حقه بحكم أنه هو مالك المال وأعطاه لغرض محدد وهذا الغرض انتهى بانتهاء الخطبة؟ وشكرا جزيلا.
فالهدايا التي يهديها الخاطب لمخطوبته إذا كانت من المهر اتفاقاً أو عرفاً فهي حق للخاطب عند فسخ الخطبة، وأما إذا لم تكن الهدايا من المهر اتفاقاً أو عرفاً، ولكنها بسبب الخطبة فقد اختلف العلماء في جواز استرجاعها عند فسخ الخطبة، وقد سبق أن بينا أقوال أهل العلم في ذلك ورجحنا القول بجواز رجوع الخاطب فيما أهدى لمخطوبته، كما في الفتوى رقم: 122345.
ومن هنا تعلم أن من حق أخيك استرجاع الشبكة المذكورة، والجاري في عرف بعض البلاد كمصر هو اعتبار الشبكة جزءا من المهر، وهذا هو ما أفتى به مشيخة الأزهر، فقد قال الشيخ أحمد هريدي من علماء الأزهر السابقين: جرى العرف على أن ما يقدمه الخاطب لمخطوبته من شبكة يعتبر من المهر وذلك فى المدن وفي العائلات الكبيرة في القرى، ولذلك يجرون على زيادة قيمة الشبكة إذا قل المهر والتقليل من قيمتها إذا كبر المهر، لأنها في نظرهم جزء منه ومتمم له، والعرف السائد المقرر له اعتباره في الشرع. اهـ.
ومما يدل على أنها جزء من المهر ما يحصل من الاتفاق والمماكسة على قيمتها بين أهل المرأة والخاطب، قال الشيخ جاد الحق ـ شيخ الأزهر السابق ـ في جواب على سؤال بخصوص الشبكة: والظاهر من السؤال أن المبلغ المدفوع من الخاطب لشراء الشبكة كان بالاتفاق وعلى هذا، فإن المبلغ المسئول عنه يعتبر من المهر وللخاطب استرداده سواء كان الفسخ من قبله، أو من قبل المخطوبة.اهـ.
وإذا كان أهل المرأة اشتروا الذهب فعلا وكان لا يزال قائما فالواجب رد الذهب عينه، ولا يجب على الخطيب قبول ثمنه، لأن الفقهاء قرروا أن المدين إنما يلزمه قضاء ماثبت في ذمته وقت التحمل، بغض النظر عن قيمته وقت الأداء، سواء ارتفعت قيمته بعد وقت التحمل، أو انخفضت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي.
قال الصنعاني في سبل السلام: والحديث دليل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه، لقوله: حتى تؤديه ـ ولا تتحقق التأدية إلا بذلك وهو عام في الغصب والوديعة والعارية وذكره في باب العارية لشموله لها. اهـ.
ولكنه يحتمل أنهم لم يشتروا الذهب أصلا، وإنما استعاروا ذهبا للبنت يوم الحفل، وإذا كان الأمر كذلك فلا يجب عليهم إلا رد ما استلموه من الفلوس، لأن الذهب لم يشتر أصلا بمال الزوج، ولو أنه تسامح معهم التماسا للرحمة المذكورة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا قضى، سمحاً إذا اقتضى. لكان أفضل.
والله أعلم.