عنوان الفتوى : الإعراض عن الوساوس هو السبيل لعلاجها
مشكلتي أنني أحياناً بعد التبرز ـ أجلكم الله ـ أجد آثارا قليلة يكون لونها قهوي لا رائحة لها وأستنجي كثيرا وأغسل ولا تزول، فمثلا اليوم عند أذان المغرب ذهبت لقضاء الحاجة فبقيت أغسل وأستنجي مدة ساعة ولم يبق على العِشاء سوى نصف ساعة توضأت وصليت ثم عندما بقي 4 دقائق على أذان الِعشاء ذهبت فاستنجيت مرتين ولم أزد، لأني مصابة بالوسواس وخفت الضرر، ولم أجد شيئا ثم توضأت وأعدت الصلاة وبعد العِشاء تأكدت فمسحت تقريباً 3 مرات وفي الأخيرة وجدت نفس الشيء لكنه قليل جداً جدا وهو في الأصل يكون نقاطا صغيرة، أو أكبر بقليل، فهل تجب علي إعادة المغرب؟ أم أبني على أنه خرج بعدها؟ انتظرت ثم صليت ومن كثرة الاستنجاء أصبحت تخرج نقاط دم صغيرة جدا أعتقد أنه جرح، فما حكم هذا الدم؟ وماحكم هذه البقايا القليلة بعد التبرز مع بذل الجهد لإزالتها؟ علما بأن هذه الحالة لا تصيبني بعد التبرز دائما وألاحظ أنها تكون عندما أعاني من اضطرابات، أو إسهال ـ أجلكم الله ـ فما الحكم؟ وهل يجب علي أن أتأكد في كل من عدم وجود بقع الدم، أو هذه البقايا القليلة حتى لو لم يحدث سبب وجودها؟ وهل أكتفي بالاستنجاء مرة واحدة فقط؟ فإن رأيت شيئا انتظرت وإن لم أر شيئا صليت؟. 2ـ أعاني من وسواس الغسل والطهارة بدرجة فظيعة فلك أن تتخيل شيخي الكريم أنني منذ أن أستيقظ إلى وقت نومي وأنا أنتظر خروج المذي أو المني وأشعر برعشة وخوف طول الوقت فأفتاني أحد العلماء بأنني ما دمت غير متزوجة ولا أمارس العادة ولا أنظر إلى الأفلام الإباحية فيجب أن لا أغتسل أبداً فما صحة ذلك؟ وأن المذي لا يخرج مباشرة، بل يحتاج وقتا طويلا وفي موقعكم تقولون إن المني يخرج بأقل شهوة، ومن كثرة الوسوسة أصبحت أشعر بشهوة قوية جدا جدا لايمكن كبتها حتى مجرد النظر لمرأة، أو رجل أو حتى طفل! وأخاف من نزول المذي، فهل هذه الرعشة والشهوة وسوسة من الشيطان لا ألتفت إليها مهما بلغت؟ أم أنها مني لأني مرة بعد هذا الشعور الفظيع أحسست أنه خرج مني ومذي لدرجة أنني تيقنت 100% من خروجه وأشعر برطوبة تزعجني جدا حتى أنني شعرت أنه سيملأ ملابسي، وعندما ذهبت لم أجد شيئا أبداً أبدا ولو قليلا، فهل أتجاهله مهما بلغ هذا الشعور ومهما تيقنت من خروجه؟ وهل يمكن أن يخرج بمجرد النظر إلى رجل؟ فأنا لا أنظر إلى محرم وأغض بصري، لكنني أرى مسرحيات إسلامية كالتي في قناة المجد، أو غيرها وحتى وجود أبي بالبيت يشعرني بذلك؟ وإذا حلمت أني أنظر إلى صور محرمة لا تكشف فيها العورات وشعرت بشهوة أثناء الحلم ولم ينزل شيء فهل يعد هذا احتلاما؟ وآخر نقطة وعذراً على الإطالة كنت أوسوس في أشياء كثيرة وكنت أرى برامج الفتاوى وغيرها من المسرحيات الإسلامية فحتى لو كان وجود رجل جميل لا أشعر أبدا أبداً بخروج شيء ولا تصل بي الشهوة لهذا الحد إلى نزول المذي حتى لو شعرت بشهوة فقط وبعد قراءتي ـ وليتني لم أقرأ ـ بوجود سوائل تسمى المذي والمني بدأت أشعر بهذا الشعور تجاه الكل حتى نفسي! فماذا أفعل والله إني في حيرة كبيرة وقلق وخوف ولو ياشيخ مرة تجاهلته وكان حقيقة، فهل علي ذنب الصلاة من غير طهر؟ وأنا لا أقصد التعمد، بل لأنقذ نفسي من الوساوس، أرجو الرد في أقرب وقت وعدم إحالتي لفتاوى والله ياشيخ مجرد هذا يسبب لي وسوسة وجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغ منك الوسواس أيتها الأخت الكريمة مبلغا عظيما، ونحن نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك من هذا الداء، والذي ننصحك به إجمالا هو أن تعرضي عن كل هذه الوساوس فلا تلتفتي إلى شيء منها، بل عليك أن تتجاهليها تجاهلا تاما، فإن هذا هو السبيل لعلاج الوساوس والتخلص منها، وانظري الفتويين: 51601، 134196.
واعلمي أولا أننا متعبدون بأحكام ظاهرة، فأنت إذا أعرضت عن الوسوسة ولم تلتفتي لها كانت عبادتك صحيحة ولو كان ما في نفس الأمر بخلاف ذلك، لأنك فعلت ما أمرك به الله تعالى وشرعه لك فلا يسولن لك الشيطان أن هذه الوساوس قد تكون حقيقية وقد تأثمين لو لم تتبعيها فكل هذا من أحابيل الشيطان وألاعيبه التي يريد أن يحول بها بينك وبين الشفاء من هذا الداء العضال.
وأما بخصوص ما تجدينه بعد التبرز من الإفرازات فهذا إن كان له حقيقة ولم يكن مجرد وهم وكان لا ينقطع زمنا يكفي للطهارة والصلاة في وقت الصلاة فحكمك حكم المصاب بالسلس، فعليك أن تستنجي حتى تعلمي أنك أنقيت المحل بما يغلب على ظنك طهارته وعود خشونته كما كانت، ثم توضئي وصلي ولا يضرك خروج هذه الإفرازات، ولا يلزمك التفتيش لتعلمي هل خرج شيء أو لا فإن الأصل عدم خروج شيء، وأما الدم فإنه إن كان يخرج من المخرج فهو ناقض للوضوء وإلا فلا ينتقض به الوضوء فيجب عليك غسله حتى يغلب على ظنك زواله، والدم من النجاسات التي يعفى عن يسيرها في البدن والثوب، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 134899.
وأما المني والمذي وما ذكرته عن أمر الشهوة: فلا يعدو ذلك كله أن يكون مجرد وساوس عليك أن تعرضي عنها ولا تلتفتي إليها، ولا تغتسلي ولا تتوضئي لمجرد الشك في خروج شيء، بل مهما شككت في خروج المذي، أو المني فالأصل عدم خروجه فلا تعملي بموجب هذا الشك حتى يحصل لك اليقين الجازم الذي تستطيعين أن تحلفي عليه أنه قد خرج منك ما يوجب الوضوء، أو الغسل، وما يصوره لك الشيطان من أمر الشهوة كلما نظرت إلى أحد ولو طفلا مما لا نشك في أنه محض أوهام ولا حقيقة لشيء من ذلك، فحذار حذار أن تتمادي مع هذه الأوهام فإن هذا مما يوقع في شر عظيم، واجتهدي في الدعاء والاستعانة بالله تعالى أن يصرف عنك هذه الوساوس لتتمكني من عبادته تعالى على الوجه المشروع.
والله أعلم.