عنوان الفتوى : انتفاء العدل بين الزوجات لا يسوغ التسخط على الشرع
أنا امرأة متزوجة وقد تزوج زوجي قريبا بأخرى وللأسف الشرع بذلك فرض علي التعاسة الأبدية فقد خسرت زوجي تماما حتى أنني أصرف على نفسي بأمره لكوني معلمة والأخرى طالبة والزوج إمام مسجد فهل هذا جائز قد تقول اصبري ولكن أريد أن أعيش في الدنيا أيضا وليس الآخرة فقط فما أحد ضامنها من حقي التمتع مثل زمان وهذا حال كل من تزوج زوجها في البداية يقول لها هذا الشرع وبعد كذا لايعرف غير مايرضي غريزتة فلا أعلم مالمنطق في الدعوة إلى التعدد في زمن لا يرى الرجل فيه أبعد من عضوه فلماذا لانتكلم بمنطق لو أن كل الرجال عادلين لزوجت زوجي بنفسي ولكن لعنت الله على هذا الزمان الذي لا يرد للمرأة كرامتها المهدورة شرعا إلا الصداقة الجنسية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً: عليك بالتوبة إلى الله وكثرة الاستغفار من قولك: إن الشرع فرض عليك التعاسة الأبدية، لأن هذا القول كفر وردة، إذ شرع الله ما جاء إلا لما يصلح حال الناس وليسعدهم في الدنيا والآخرة. ولكن نسأل الله أن يغفر لك لجهلك بحكم هذا الكلام، واعلمي أن الله سبحانه خالق عباده هو الذي أحل للزوج الزواج بأكثر من واحدة متى ما تحققت فيه الشروط المبينة في الجواب رقم:
7844 وذلك لحكم بالغة مبينة في الجواب رقم:
2286
. وهذا حكم الله في محكم كتابه ولا معقب لحكمه. قال سبحانه: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ) [النساء:3] والمؤمن بما أنزل الله هو الذي ينقاد لأحكام الشرع غير معترض عليها ولا مبغض لها، فالله جل وعلا يقول: ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ) [الأحزاب:36] وكون زوجك ظلمك في نفقتك الواجبة عليه أو نصيبك من القسمة في المبيت، أقول: كونه فعل بك كل ذلك، هذا كله لا يسوغ تسخطك على الشرع؛ بل عليك أن تعرفي أن هذا يرجع إلى تقصير وتفريط الزوج لا إلى الشرع، ولك أن تلجئي إلى القضاء الشرعي فيلزمه بما هو لك من النفقة والمبيت، وكم من الرجال عددوا الزوجات وعدلوا وأقسطوا وعاشوا سعداء مع زوجاتهم في كنف الشريعة، فلا تنظري بسبب ظلم زوجك إلى تعدد الزوجات نظرة مقت وازدراء، فلا يجوز لك ذلك لأن هذه النظرة دخيلة علينا من قبل أعدائنا، فالتعدد مأمور به شرعاً وتدعو إليه الفطر السليمة، وتحتمه الظروف الاجتماعية والإنسانية، فاتقي الله في نفسك واستغفريه وانصحي زوجك بأن يقوم بالعدل والقسط، وأوصي أهل الخير والصلاح بنصحه لعله يعود لصوابه، فإن ظلمك في حقوقك ولم يقم بها فلك الحق شرعاً في طلب الفراق منه. وننبهك أخيراً إلى عبارتك الأخيرة في السؤال، وهي أنك لعنت الزمان، فلا يجوز لك أن تسبي وتلعني الزمان، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقول تعالى: يؤذيني ابن آدم!! يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار " ومعنى الحديث: أن الله هو خالق الدهر وفاعل الأمور التي تضيفونها إلى الدهر والزمان فتسبونه بسببها، فيرجع السب إلى الله سبحانه.
كما أن قولك: إنه لا يرد للمرأة كرامتها المصادرة شرعاً إلا الصداقة الجنسية… قول لا يليق أن يخرج من امرأة مسلمة، بل نخشى أن مثل هذا القول يسلبك إيمانك ودينك، إذ كيف يكون الزنا والفجور والعهر يعيد للإنسان الكرامة التي حافظ عليها الشرع، وصانها وحماها، وأنت تزعمين أنه أهدرها، فاتقي الله في نفسك، وتوبي إليه واستغفريه من قولك، واحرصي على نصح زوجك أن يعدل ويقسط بينك وبين زوجته الأخرى، واستعيني بأهل الخير والصلاح على نصحه وإرشاده، فإن عدل وأنصف فلله الحمد، وإن أصر على ظلمك في الحقوق المقررة شرعاً فلك أن تطلبي الفراق منه عبر القضاء الشرعي كما أسلفنا.
والله أعلم.