عنوان الفتوى : هل يشترط في المسح على الخمار للمرأة ما يشترط للمسح على الخفين؟
ما هي أحكام مسح المرأة على خمارها للوضوء ؟ هل لها نفس أحكام المسح على الجورب ؟ وجزاكم الله كل خير .
الحمد لله.
أولاً :
تقدم الكلام على حكم المسح على الخمار ، وخلاف العلماء فيه ، في جواب السؤال رقم (148129)
ثانياً :
من أجاز من الحنابلة المسح على خمار المرأة جعل له حكم الخفين والجوربين ، فاشترط لبسه على طهارة ، وجعل للمسح المدة التي للخفين والجوربين .
قال ابن قدامة – رحمه الله – في حكم المسح على العمامة - :
وحكمها في التوقيت واشتراط تقديم الطهارة وبطلان الطهارة بخلعها : كحكم الخف ؛ لأنها أحد الممسوحين على سبيل البدل ".
" الكافي " ( 1 / 39 ) .
ولا يظهر أن هذا القول صواب ، وليس للخمار – ولا للعمامة - حكم الخفين ، فلا يشترط فيهما ما يشترط للمسح على الخفين ، والقياس على الخفين من أبعد القياس ؛ فحكم الرجلين أصلاً الغسل بخلاف الرأس فإن حكمه المسح ، والخفان يُمسح ظاهرُهما فقط وأما الخمار فليس في المسح عليه مثل ذلك ، بل الراجح أنه يجب أن يعمَّ المسحُ الرأسَ كله مكشوفاً كان أو مغطّى ، أو كان جزءٌ مكشوفاً وآخر مغطَّى .
قال ابن حزم – رحمه الله - :
وليس هنا علة جامعة بين حكم المسح على العمامة والخمار والمسح على الخفين ، وإنما نصَّ رسول الله في اللباس على الطهارة على الخفين ، ولم ينص ذلك في العمامة والخمار ، قال الله تعالى : ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) ، ( وما كان ربك نسيا ) ، فلو وجب هذا في العمامة والخمار : لبيَّنه عليه السلام ، كما بيَّن ذلك في الخفين ، ومدعي المساواة في ذلك بين العمامة والخمار وبين الخفين : مدع بلا دليل ، ويكلف البرهان على صحة دعواه في ذلك ، فيقال له : من أين وجب إذ نص عليه السلام في المسح على الخفين أنه لبسهما على طهارة أن يجب هذا الحكم في العمامة والخمار ؟ ولا سبيل له إليه أصلا بأكثر من قضية من رأيه ، وهذا لا معنى له ، قال الله تعالى : ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) .
" المحلى " ( 1 / 310 ) .
وقال – رحمه الله - :
وقول القائل : لمَّا كان المسح على الخفين موقتاً بوقت محدود في السفر ووقت في الحضر وجب أن يكون المسح على العمامة كذلك : دعوى بلا برهان على صحتها ، وقول لا دليل على وجوبه ، ويقال له : ما دليلك على صحة ما تذكر من أن يحكم للمسح على العمامة بمثل الوقتين المنصوصين في المسح على الخفين ؟ وهذا لا سبيل إلى وجوده بأكثر من الدعوى ، وقد " مسح رسول الله على العمامة والخمار " ، ولم يوقت في ذلك وقتاً ووقَّت في المسح على الخفين ، فيلزمنا أن نقول ما قال عليه السلام ، وأن لا نقول في الدِّين ما لم يقله عليه السلام ، قال الله تعالى : ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ) .
" المحلى " ( 1 / 310 ) .
ولم يأت حرف واحد صحيح في الشرع في اشتراط لبس العمامة على طهارة حتى يمسح عليه ، ولا في التوقيت للمقيم والمسافر ، وما ورد في ذلك فهو ضعيف ، كحديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثا في السفر ويوما وليلة في الحضر ) .
قال الشوكاني – رحمه الله - :
لكن في إسناده مروان أبو سلمة ، قال ابن أبي حاتم : ليس بالقوي ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال الأزدي : ليس بشيء ، وسئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال : ليس بصحيح .
" نيل الأوطار " ( 1 / 204 ) .
ولتنظر أجوبة الأسئلة : ( 129557 ) و ( 72391 ) و ( 139719 ) .
والله أعلم