عنوان الفتوى : هل حكم خلع العمامة بعد المسح عليها في الوضوء كحكم الخف ؟
ما هو معيار التفرقة الذي اعتمده الفقهاء في التفرقة بين المسح على الخفين والمسح على العمامة حيث جعلوا النازع للممسوح من الخفين منتقض وضوؤه والنازع للممسوح من العمائم غير منتقض وضوؤه وبارك الله فيكم.
الحمد لله.
أولاً : المسح على العمامة ثابت بالسنة النبوية الصحيحة ، ففي صحيح البخاري ( 205) عن عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : ( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ ، وَخُفَّيْهِ ).
والقول بجواز المسح على العمامة هو مذهب الإمام أحمد .
وأما جمهور الفقهاء فلا يجيزون المسح على العمامة .
قال ابن رشد : " اختلف العلماء في المسح على العمامة ، فأجاز ذلك أحمد بن حنبل ...، ومنع من ذلك جماعة منهم: مالك ، والشافعي ، وأبو حنيفة ". انتهى " بداية المجتهد" (1/15) .
وقال النووي : " وأما إذا اقتصر على مسح العمامة ولم يمسح شيئاً من رأسه ، فلا يجزيه بلا خلاف عندنا ، وهو مذهب أكثر العلماء ". انتهى " المجموع" (1/407).
ولذلك عدَّ المرداوي مسألة المسح على العمامة من مفردات مذهب الحنابلة . ينظر : "الإنصاف" (1 / 185) .
وما ذهب إليه الإمام أحمد هو الأرجح من حيث الدليل .
ثانياً :
القائلون بجواز المسح على العمامة لم يفرقوا بينها وبين الخف في حكم الطهارة عند خلعهما ، بل هما عندهم من باب واحد .
فمن يقول ببطلان طهارة من يخلع خفيه بعد المسح ، يقول ذلك أيضاً فيمن خلع عمامته بعد المسح عليها ، وهو المذهب عند الحنابلة .
قال ابن قدامة عن العمامة : " وحكمها في التوقيت ، واشتراط تقديم الطهارة ، وبطلان الطهارة بخلعها ، كحكم الخف ؛ لأنها أحد الممسوحين على سبيل البدل ". انتهى " الكافي " (1/39).
وقال المرداوي: " وَمَتَى ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ ، وَرَأْسُهُ ، أو انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ ، اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ " . انتهى " الإنصاف" (1 /190).
ومن يقول : إن خلع الخف لا ينقض الوضوء ، يقول ذلك أيضاً في خلع العمامة ، وهو قول ابن حزم الظاهري ورواية عن الإمام أحمد ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية . ينظر: "المحلى" (1/137) ، (1/340) ، "الإنصاف" للمرداوي (1 / 190) .
قال شيخ الإسلام : " ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما ". انتهى من "الاختيارات العلمية" صـ 26.
وقد سبق بيان أقول العلماء في حكم طهارة من خلع خفيه والراجح منها في السؤال (45788) ، (26343) .
والله أعلم .