عنوان الفتوى : الانفعال اللا إرادي إذا عرضت الوساوس هل يضر
إذا تبع الوساوس التي في صدر الإنسان انفعال معها في شكل تحرك في الوجه كالتبسم أو العبوس؟ هل يعتبر ذلك من الأفعال؟حيث حدثتني نفسي مرة: لماذا ليس للانسان حق أن يتكلم أو أن ينطق بما في صدره؟ و انفعلت معها ولا أتذكر هل عبست أم لا وفي الأخير تذكرت أن الجهر بالوساوس كفر وكرهت ما قلت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان قلب العبد مطمئنا بالإيمان لم يضره ما يعرض له من الوساوس ما دام غير منشرح الصدر بها ولا راكنا إليها مستجيبا لها، فما دام العبد كارها لهذه الوساوس فإن كراهته لها ومجاهدته نفسه في التخلص منها من الإيمان بل هي صريح الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يضر الموسوس ولا يقدح في إيمانه أن ينفعل انفعالا لا إراديا بتبسم أو عبوس ما دام كارها للوساوس غير منشرح الصدر بها، فعليك أيها الأخ الكريم أن تعرض عن هذه الوساوس التي تعرض لك ولا تعرها اهتماما بالمرة بل تعوذ بالله منها وانته عن الفكر فيها واعلم أنها لا تضرك.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: والمؤمن يبتلى بوساوس الشَّيْطَانِ وَبِوَسَاوِسِ الْكُفْرِ الَّتِي يَضِيقُ بِهَا صَدْرُهُ. كَمَا قَالَتْ الصَّحَابَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَحَدَنَا لَيَجِدُ فِي نَفْسِهِ مَا لَئِنْ يَخِرُّ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. فَقَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ. وَفِي رِوَايَةٍ: مَا يَتَعَاظَمُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ. أَيْ حُصُولِ هَذَا الْوَسْوَاسِ مَعَ هَذِهِ الْكَرَاهَةِ الْعَظِيمَةِ لَهُ وَدَفْعِهِ عَنْ الْقَلْبِ هُوَ مِنْ صَرِيحِ الْإِيمَانِ؛ كَالْمُجَاهِدِ الَّذِي جَاءَهُ الْعَدُوُّ فَدَافَعَهُ حَتَّى غَلَبَهُ؛ فَهَذَا أَعْظَمُ الْجِهَادِ وَ " الصَّرِيحُ " الْخَالِصُ كَاللَّبَنِ الصَّرِيحِ. وَإِنَّمَا صَارَ صَرِيحًا لَمَّا كَرِهُوا تِلْكَ الْوَسَاوِسَ الشَّيْطَانِيَّةَ وَدَفَعُوهَا فَخَلَصَ الْإِيمَانُ فَصَارَ صَرِيحًا. وَلَا بُدَّ لِعَامَّةِ الْخَلْقِ مِنْ هَذِهِ الْوَسَاوِسِ. انتهى.
والله أعلم.