عنوان الفتوى : من صلى خلف إمام فبان أنه مجنون
ذهبت للجامع لأصلي فتقدم شخص بي ليؤم الصلاة، وبعد إتمام الصلاة تحدث معي هذا الشخص فوجدت أن لديه نوعا من الجنون أو ما شابه. فهل صلاتي صحيحة أم أعيدها؟ و كيف أستطيع أن أحدد نسبة كونه طبيعيا أو لا لأحكم بأن الشخص ممكن أن يصلي بي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن وصل إلى حد الجنون لم تصح منه الصلاة ولم تجب عليه ولا يجب عليه قضاؤها ولا يصح الائتمام به، وحد الجنون هو زوال الاستشعار من القلب مع بقاء الحركة والقوة في الأعضاء كما نقله النووي عن القاضي حسين والمتولي، وإنما لم تجب عليه الصلاة ولم تصح منه لزوال قصده، ومعرفة المجنون من غيره يسيرة، فإن المجنون تختل أفعاله وأقواله اختلالا واضحا بحيث لا يفهم الخطاب ولا يعقل الجواب لزوال عقله.
جاء في الروض مع حاشيته: ولا تصح الصلاة من مجنون ولا تجب عليه، ولا يقضي إذا أفاق، إلا أن يفيق في وقتها، قال الشارح: لا نعلم فيه خلافا، والأبله الذي لا يفيق كالمجنون يقال: رجل أبله بين البله، وهو الذي لا يعقل. وغير مميز لحديث عائشة رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ، رواه أبو داود والترمذي وحسنه، فهؤلاء لا قصد لهم، وهي العلة في رفع أحكام التكليف عنهم، وقد انعقد الإجماع على أن تكليف ما لا يطاق غير واقع في الشريعة، وتكليف من لا قصد له تكليف ما لا يطاق. انتهى.
والجنون من الأمور التي لا تخفى، ولذلك نص الفقهاء على أنه لو صلى خلف إمام فبان مجنونا لزمته الإعادة.
قال النووي في شرح المهذب: فرع : لو بان الإمام مجنونا وجبت الإعادة بلا خلاف على المأموم ، لأنه لا يخفى ، فلو كان له حالة جنون وحالة إفاقة أو حالة إسلام وحالة ردة واقتدى به ولم يدر في أي حالة كان فلا إعادة عليه ، لكن يستحب ، نص عليه في الأم واتفقوا عليه. انتهى.
وبما مر تعلم أن هذا الرجل إن كان وصل إلى حد الجنون أو البله بحيث لا يدري ما يقول ولا يتصور أفعال الصلاة وأقوالها فالإعادة واجبة عليك، وأما إن كان لم يصل إلى حد الجنون أو شككت في حاله فالأصل صحة الصلاة ولا تلزمك الإعادة.
والله أعلم.