عنوان الفتوى : حلول الأجل وسقوط الأقساط بموت المدين
هل يحلّ الأجل وتسقط الأقساط بموت المدين؟
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
جمهور الفقهاء على حلول الأقساط جميعا بموت المدين ، ولكن في المذهب الحنبلي رأي لا يرى بحلول الأقساط بشرط أن يقدم الورثة للدائن سندا للمدين يضمن به دينه، وهو رأي وجيه.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :-
اختلف الفقهاء في سقوط الأجل بموت المدين أو الدائن : فيرى الحنفية والشافعية أن الأجل يبطل بموت المدين لخراب ذمته ، ولا يبطل بموت الدائن ، سواء أكان موتا حقيقيا ، أم حكميا ، وذلك لأن فائدة التأجيل أن يتجر فيؤدي الثمن من نماء المال ، فإذا مات من له الأجل تعين المتروك لقضاء الدين ، فلا يفيد التأجيل ؛ ولأن الأجل حق المدين ، لا حق صاحب الدين ، فتعتبر حياته وموته في الأجل وبطلانه .
ومحل حلول الدين المؤجل بالموت أو الفلس ما لم يشترط من عليه أنه لا يحل عليه الدين بذلك ، وإلا عمل بشرطه.
ويرى الحنابلة أنه لا يحل الدين المؤجل بموت الدائن ، وأما موت المدين فلهم رأيان : أحدهما : أنه يحل بموت المدين كما هو رأي من ذكر من الفقهاء . والثاني : أنه لا يحل بموته إذا وثق الورثة .
فقد جاء في كشاف القناع : ” أنه إذا مات شخص وعليه دين مؤجل لم يحل الدين بموته إذا وثق الورثة ، أو وثق غيرهم برهن أو كفيل مليء ، على أقل الأمرين : من قيمة التركة أو الدين ” , وهو قول ابن سيرين , وعبيد الله بن الحسن وإسحاق وأبي عبيد لأن الأجل حق للميت ، فورث عنه كسائر حقوقه ، وكما لا تحل الديون التي له بموته فتختص أرباب الديون الحالة بالمال ويتقاسمونه بالمحاصة ، ولا يترك منه للمؤجل شيء ولا يرجع ربه عليه بعد حلوله بل على من وثقه ، فإن تعذر التوثق لعدم وارث بأن مات عن غير وارث حل ، ولو ضمنه الإمام أو ” تعذر التوثق ” لغير عدم وارث بأن خلف وارثا لكنه لم يوثق حل الدين لغلبة الضرر فيأخذه ربه كله إن اتسعت التركة أو يحاصص به الغرماء ، ولا يسقط منه شيء في مقابلة الأجل . وإن ضمنه ضامن وحل على أحدهما لم يحل على الآخر .
وقد استدل الحنابلة على قولهم بأن الدين المؤجل لا يحل بالموت إذا وثق الورثة ، فقالوا : إن الأجل حق للمدين فلا يسقط بموته ، كسائر حقوقه؛ ولأن الموت ما جعل مبطلا للحقوق ، وإنما هو ميقات للخلافة وعلامة على الوراثة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { من ترك حقا أو مالا فلورثته } وما قيل بسقوطه بالموت هو حكم مبني على المصلحة , ولا يشهد لها شاهد الشرع باعتبار ، ولا خلاف في فساد هذا ، فعلى هذا يبقى الدين في ذمة الميت كما كان ويتعلق بعين ماله كتعلق حقوق الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه ، فإن أحب الورثة أداء الدين ، والتزامه للغريم على أن يتصرفوا في المال لم يكن لهم ذلك إلا أن يرضى الغريم أو يوثقوا الحق بضمين مليء أو رهن يثق به لوفاء حقه ، فإنهم قد لا يكونون ملآى ولم يرض بهم الغريم ، فيؤدي إلى فوات الحق . ويرى طاوس وأبو بكر بن محمد والزهري وسعد بن إبراهيم أن الدين المؤجل لا يحل بموت المدين ، ويبقى إلى أجله ، وحكي ذلك عن الحسن .
والله أعلم.