عنوان الفتوى : حكم من رفضت عمرتها لحيضها ثم تزوجت وأنجبت
قبل ثلاث سنوات ذهبت للعمرة، وأحرمت، وعندما وصلت إلى مكة لاحظت أنها حائض، فعادت إلى بلدها من غير أن تفعل أيا من أعمال العمرة، وظنت بأن رفض العمرة يكفيها، تزوجت ورزقت بولد. فما الحكم في زواجها؟ وماذا عليها أن تفعل الآن؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أحرم بنسك من حج أو عمرة وجب عليه إتمامه لقوله تعالى: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ... {البقرة:196}.
وعليه فإن المرأة المذكورة قد أخطأت في عدم إتمام عمرتها بسبب الحيض، وهي الآن باقية على عمرتها، فعليها الكف عن محظورات الإحرام حتى تتحلل من عمرتها، اللهم إلا إن كانت قد اشترطت عند إحرامها أن قالت: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وخشيت في انتظار كمال حيضتها فوات الرفقة أو نحوه، فإن تحللها حينئذ صحيح ولا شيء عليها، كما بينا في الفتوى رقم: 121285.
وإن لم تكن اشترطت فلا بد من أن ترجع إلى مكة فتكمل عمرتها إلا إذا تعذر عليها ذلك، فإنها تكون في حكم المحصر فتتحلل من عمرتها بذبح هدي من بهيمة الأنعام في بلدها يوزع على الفقراء، وإن عجزت عنه صامت عشرة أيام، وراجع للمزيد في ذلك الفتوى رقم: 135351.
وما أقدمت عليه من محظورات الإحرام قبل التحلل فقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 14023.. وبخصوص نكاحها وهي محرمة فهو باطل عند الجمهور. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: فاختلف العلماء بسبب ذلك في نكاح المحرم فقال مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم لا يصح نكاح المحرم واعتمدوا أحاديث الباب، وقال أبو حنيفة والكوفيون يصح نكاحه لحديث قصة ميمونة وأجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة أصحها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها حلالاً هكذا رواه أكثر الصحابة. انتهى.
وبناء على ذلك فالواجب عليها تجديد عقد النكاح بعد تحللها من عمرتها، والولد لاحق بأبيه ومنسوب إليه على كل حال، لأنه نكاح شبهة في أسوإ الاحتمالات، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 143545.
والله أعلم.