عنوان الفتوى : مذاهب العلماء فيمن نسي شراء الماء وتيمم وصلى
أنا شاب أقيم بفرنسا, وفي الأسبوع الماضي كان لي موعد مع شركة في مكان بعيد, فحضر وقت العصر فلم أجد ماء أتوضأ به ولم أرد أن أطرق بيوت الكفار لطلب الماء وخفت أن يدركني الاصفرار فأكون آثما, فتيممت وصليت, وبعد مسيرة 500 متر تقريبا تبين لي أنه كان بالإمكان أن أشتري الماء من أحد المحلات التجارية ولكنني لم أفعل، فهل علي إعادة الصلاة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فما الذي يجب علي أن أفعله لتداركها؟. ونسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت قادرا ـ كما ذكرت ـ على شراء الماء وصليت بالتيمم، فإنه تلزمك إعادة تلك الصلاة، لكونك صليت بتيمم وأنت واجد للماء, وقد ذكر الفققهاء ـ رحمهم الله ـ أن من فقد الماء وكان قادرا على شرائه بثمن المثل أنه يلزمه شراؤه, قال النووي في المجموع: إذا وجد الماء يباع بثمن مثله وهو واجد للثمن غير محتاج إليه لزمه شراؤه بلا خلاف. اهـ .
وجاء في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: ويلزم من عدم الماء واحتاجه شراء ماء بثمن مثل، أو شيء زائد عنه يسيرا عادة، فإن ترك ما يلزمه قبوله، أو تحصيله من ماء، أو غيره وتيمم وصلى حرم عليه ذلك وأعاد ما صلاة، لأنه غير فاقد للماء. اهـ.
وكونك نسيت أن تشتري الماء مع إمكانك هذا لا يسقط عنك إعادة الصلاة عند كثير من الفقهاء, قال ابن قدامة في المغني: فصل: إذا نسي الماء في رحله, أو موضع يمكنه استعماله وصلى بالتيمم فقد توقف أحمد ـ رحمه الله ـ في هذه المسألة, وقطع في موضع أنه لا يجزئه وهو قول الشافعي، وقال أبو حنيفة وأبو ثور: يجزئه، وعن مالك كالمذهبين، لأنه مع النسيان غير قادر على استعمال الماء, فهو كالعادم، ولنا أنها طهارة تجب مع الذكر, فلم تسقط بالنسيان, كما لو صلى ناسيا لحدثه, ثم ذكر, أو صلى الماسح, ثم بان له انقضاء مدة المسح قبل صلاته, ويفارق ما قاسوا عليه، فإنه غير مفرط, وها هنا هو مفرط بترك الطلب. اهـ.
وبناء عليه، تلزمك المبادرة إلى قضاء تلك الصلاة التي صليتها بالتيمم وكنت قادرا على شراء الماء للوضوء وانظر الفتوى رقم: 36136عن الخوف من إزعاج الجيران هل يبيح التيمم؟.
والله أعلم.