عنوان الفتوى : حكم التيمم بضربتين الأولى للوجه والثانية لليدين إلى المرفقين
هل يصح التيمم، وبالتالي صلاة المرء إذا تيمم على مذهب الأحناف بضربتين: الأولى للوجه، والثانية لليدين إلى المرفقين؟ هل ورد حديث ثابت بهذه الكيفية للتيمم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيصح التيمم بضربتين: الأولى للوجه، والثانية لليدين إلى المرفقين، ومن صلى بهذا التيمم، فصلاته صحيحة.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يختلف المذهب أنه يجزئ التيمم بضربة واحدة، وبضربتين، وإن تيمم بأكثر من ضربتين جاز أيضا؛ لأن المقصود إيصال التراب إلى محل الفرض، فكيفما حصل، جاز كالوضوء. انتهى.
وهو مذهب الحنفية والشافعية؛ قال محمد بن الحسن الشيباني -صاحب أبي حنيفة- في موطئه: وَالتَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ، ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ. اهـ.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أن الواجب فيه ضربة واحدة، والفرض فيه مسح الوجه ومسح اليدين إلى الكوعين، وأن الزيادة إلى المرفقين سنة، والضربة الثانية سنة عند المالكية. وانظر الفتوى رقم: 12499.
وقد وردت في الكيفية المذكورة عدة أحاديث، بعضها موقوف، وبعضها مرفوع، ومما جاء مرفوعا ما رواه الطبراني في الكبير والدارقطني في السنن، والبزار في مسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ وعائشة -رضي الله عنهما- أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ: ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ»
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي صِفَةِ التَّيَمُّمِ، لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي جُهَيْمٍ، وَعَمَّارٍ وَمَا عَدَاهُمَا فَضَعِيفٌ، أَوْ مُخْتَلَفٌ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَالرَّاجِحُ عَدَمُ رَفْعِهِ. اهـ.
ولفظ حديث عمار -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا» فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ".
ولفظ حديث أَبِي جُهَيْمِ الْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري قَالَ: «أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الجِدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ».
والله أعلم.