عنوان الفتوى : بيع بعض الأملاك للبنات مقابل تنازلهن عن حقهن في الإرث
هل يجوز للأب قبل وفاته أن يبيع جزءا من أملاكه لبناته على أن يتنازلن لإخوانهن ـ الذكور ـ وذلك برضاهن بحيث ـ بعد وفاته ـ تقسم الأملاك على الذكور فقط؟ وفي حالة عدم جواز ذلك، فما هو الواجب فعله؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم ندر ما إذا كان الأب جعل ثمن المبيع حصة البنات من الإرث، أم أنه باع لهن بثمن محدد واشترط عليهن التنازل عن حصتهن من الإرث، وعلى أية حال، فالواجب تجنب جميع ذلك، فليس فيه ما يجوز، فمن شروط صحة البيع معرفة الثمن والمثمن.
ويجوز للأب ـ في حال أهليته للتصرف ـ أن يبيع أملاكه أو بعضها لبناته بثمن معلوم، وليس له أن يشترط عليهن التنازل عن نصيبهن من تركته بعد مماته مقابل هذا البيع، ولا أن يكون ثمن المبيع حصتهن من الإرث وإذا اشترط ذلك فهو شرط فاسد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ. متفق عليه.
وإذا تم البيع بهذا الشرط، فإن البيع يبطل بذلك، وراجع الفتويين رقم: 51511، ورقم: 74776.
ثم إن التحايل على حرمان البنات من ميراثهن الشرعي والسعي في ذلك ليس من أخلاق أهل الإسلام، وإنما هو من عادات أهل الجاهلية الأولى الذين كانوا يحرمون الأنثى من الميراث حتى نزل قول الله تعالى: وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا. {النساء: 7}.
وحتى لو رضي البنات في حياة والدهن بالتنازل عن الميراث، فإن هذا لا يلزمهن بعد مماته، ومن حقهن أن يرجعن عنه بعد موته، لأنه إسقاط لحق قبل وجوبه، وذاك غير لازم عند أهل العلم. والواجب على الوالد المشار إليه أن يتقي الله تعالى ويخاف عقابه، وأن لا يسعى لحرمان البنات من نصيبهن، ففرائض الميراث بينها الله تعالى وحده وتوعد من خالفها بقوله: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ. {النساء: 14}.
وانظر الفتوى رقم: 97883عن حرمان البنات من الميراث وأنه من أعمال الجاهلية، والفتوى رقم:101998عن الشروط في البيع وما كان منها مبطلا للعقد وما ليس مبطلا للعقد، والفتوى رقم: 9730 عن التنازل عن الميراث.