عنوان الفتوى : كيفية التوبة من المال المسروق إذا لم يمكن الوصول لصاحبه
كنت أعمل بالفنادق السياحية في أقسام الخمور – بالإضافة إلى ذلك كنت أقوم بأعمال تربح وبيع لحسابي في هذا الفندق – أي كنت أسرق من أموال الفندق بطريقة لا يعرفها أحد .. * وقمت بإعداد زواجي من هذا المال- شراء شقة – وتجهيزها. * وقبل الزواج تاب علي الله ورزقني بوظيفة في إحدى الشركات عن طريق مسابقة والحمد لله ويعلم الله أني كنت أكره ما أفعله في الفنادق التي عملت بها ولكنها كانت شهوة المال الكثير، وأنا والحمد لله الآن أتقي الله في عملي الآن والحمد لله وتبت عن ما مضى.. • أرجو إفادتي بكيفية التكفير عن ما مضى وكيفية إرجاع الحقوق..... • علما بأني لا يوجد معي أموال كافية لهذا ولا أستطيع تحديد صاحب الحق لأنهم أشخاص اعتبارية أي فنادق..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة ولقد أحسنت عندما تبت وتركت العمل بهذا الفندق واتجهت لعمل مباح فلا ريب أن العمل في الخمر من الأعمال المحرمة وأن المال الحاصل منه مال خبيث يحرم تملكه لأنه مقابل منفعة محرمة، وفي الحديث: إن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه. رواه أحمد.
ومع التوبة إلى الله عز وجل من الشغل في الخمر يجب على من تحصل بيده شيء من تجارة الخمر أن يتصدق به في مصالح المسلمين العامة وله أن يحتفظ بشيء منه يفي بحاجته إذا كان فقيرا كما جاء في المجموع للنووي نقلا عن الغزالي في معرض كلامه عن التوبة من المال الحرام: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا. اهـ.
وجاء في الاختيار لتعليل المختار: والملك الخبيث سبيله التصدق به ولو صرف في حاجة نفسه جاز، ثم إن كان غنيا تصدق بمثله وإن كان فقيرا لا يتصدق. انتهى.
وأما السرقة فهي من أعظم المنكرات ومن كبائر الذنوب لما في الصحيح: إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا.
ومن هنا فقد رتب الله تعالى عليها في الدنيا عقوبة عظيمة في قوله سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة: 38}.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده.
ويجب على السارق أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، وقد وعد الله التائب بالتوبة عليه لقوله تعالى بعد ذكر حد السرقة: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة: 39}.
ويجب أن يرد إلى أصحاب الحقوق حقوقهم أو يتحللهم منها لما في الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد والترمذي، وقال: حسن صحيح، ولما في الحديث: من كانت له مظلمة لأحد من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
وبناء عليه فإن من تمام التوبة من السرقة رد الحقوق إلى أصحابها متى ما تيسر لك ذلك، فإن عجزت عن ردها الآن فاعزم على ردها متى ما حصلت عليها وتبقى دينا في ذمتك ويمكنك التحايل في ردها دون أن تذكر اسمك إذا خشيت أن يترتب على الذكر ضرر.
وهذا كله إذا كات الجهة التي قد سرقت منها المال معلومة ويمكن إيصاله إليها فإن تعذرت معرفتها أو إيصال المال إليها فالواجب عليك إنفاقه بنية التخلص من حق الغير في مصالح المسلمين العامة كالمساجد والمستشفيات أو على الفقراء والمساكين، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 50478، والفتوى رقم: 26283، والفتوى رقم: 23007، والفتوى رقم: 6022، والفتوى رقم: 3519.
والله أعلم.