عنوان الفتوى : الخطاب إلى المعين لا يدخل فيه غيره ما لم تكن قرينة بإدخال الغير

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

1-أنا مصري الأصل أسكن في أمريكا عندما كنت أطالع الأحاديث المتعلقة بمصر والهجرة لاحظت حديثاً في صحيح مسلم يفيد في فتح مصر وفيه: إذا كان المصريون يقاتلونك على موضع لبنة فاخرج منها. فالراوي نفسه ترك مصر لما رأى ذلك مالحكم في ذلك؟ فهل كل من عنده موارد يترك مصر؟ فما الحكم؟ وإذا كان المكان الوحيد الذي يهاجرون إليه هو بلد غير إسلامي؟ لأنه لا يوجد في العالم بلد يطبق الإسلام وهذا هو الأمر الأسوأ فماهو الحل هل هناك حديث أم دليل آخر يلغي هذا الحديث؟ آمل الأدلة المناسبة من الكتاب والسنة؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم حديث صحيح ولفظه، قال أبو ذر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم ستفتحون مصر، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحماً" أو قال: "ذمة وصهراً، فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فاخرج منها" قال: فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها. رواه مسلم وأحمد.
ولكن هذا الأمر بالخروج من مصر الوارد في الحديث لا يعم، بل هو خاص بأبي ذر رضي الله عنه الذي خوطب به. وذلك لأمرين:
أولهما: أنه لا يعقل أن الشارع يطلب من المسلمين الجهاد في سبيل الله تعالى لنشر دينه وإعلاء كلمته، وإنقاذ الناس من الضلالة إلى الهدى، وإخراجهم من الظلمات إلى النور: ثم بعد ذلك يأمرهم بالخروج عامة من هذا البلد الذي بذلوا في فتحه الغالي والنفيس، ورفعت راية الإسلام فيه، هذا يتعارض مع مقاصد الإسلام، ولا يقره الشرع.
الأمر الثاني: أن جمهور العلماء يقولون: بأن الخطاب الموجه إلى المعين لا يدخل في حكمه غيره، أي أنه خاص، وأن الصيغة لا تتناول غيره، اللهم إلا إذا كان هناك نص أو قياس يدل على تساوي المخاطب وغيره وعدم الفارق بينهما، فحينئذ يدخل في خطاب المعين غيره معه.
لهذا فالظاهر -والله أعلم- أن الأمر بالخروج من مصر أمر خاص بأبي ذر وأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده للخروج عندما يرى طلائع الفتن، لأمر ما، أطلع الله عليه نبيه، وتمهيداً لما أخبر به صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد، ومقتضاه: أن أبا ذر سيموت بفلاة من الأرض.
ومما يدل على الخصوص أيضاً: كون الجملة الأولى في الحديث والتي تأمر بالإحسان إلى أهل مصر جاءت بصيغة (افعلوا) الدالة على أمر جميع القائمين بالإحسان إلى أهل هذا البلد، بينما الأمر بالخروج جاء بصيغة (افعل) الدالة على أمر المفرد.
والله أعلم.