عنوان الفتوى : من قعد في المقابر انتظارا للجنازة هل يعطى أجر من تبعها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

في قريتنا بعض الناس يجلسون بالقرب من المقابر في انتظار الجنازة، وبعضهم يجلس بجوار المقابر فهل يأخذون ثواب من يمشى مع الجنازة من المسجد إلى المقبرة وانتظار الدفن؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من يحضرون الصلاة والدفن لهم أجر عظيم كما في الحديث الذي روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن كان له قيراطان، قيل: وما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين.

ولكن الشارع ندب الى تشييع الجنازة واتباعها  كما في رواية للبخاري: من تبع جنازة وصلى عليها، فله قيراط ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان، أصغرهما مثل أحد.

وفي صحيح مسلم مرفوعا : من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد.

واذا شيعها الانسان فلا حرج أن يسبقها إلى المقبرة والأولى أن يصاحبها سواء كان أمامها أو خلفها إلا أن جمهور العلماء ومنهم مالك والشافعي وأحمد يرون أن الأفضل المشي أمام الجنازة  لأن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يمشون أمام الجنازة. رواه أبو داود.  

وقال أبو حنيفة : المشي خلفها أفضل.  وفرق الثوري بين الماشي والراكب فقال : يسير الراكب خلفها والماشي حيث شاء منها.
  أما من لم يصاحبها  وتقدمها إلى موضع الصلاة فهو لم يشيعها، ولا حرج عليه في ذلك، لكن فاته فضل اتباع الجنازة.
ففي المجموع: قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله : والأفضل أن يمشي قدامها وأن يكون قريبا منها, وكلما قرب منها فهو أفضل, وسواء كان راكبا أم ماشيا فالأفضل قدامها ولو تقدم عليها كثيرا, فإن كان بحيث ينسب إليها بأن يكون التابعون كثيرين حصل له فضيلة اتباعها, وإن كان بحيث لا ينسب إليها لكثرة بعده وانقطاعه عن تابعيها لم تحصل له فضيلة المتابعة, ولو مشى خلفها حصل له فضيلة أصل المتابعة ولكن فاته كمالها .

( فرع ) في مذاهب العلماء قد ذكرنا أن مذهبنا أن السير أمامها أفضل , سواء الراكب والماشي, وبه قال جماهير العلماء . منهم : أبو بكر وعمر وعثمان وابن عمر والحسن بن علي وأبو قتادة وأبو هريرة وابن الزبير والقاسم بن محمد وسالم وشريح وابن أبي ليلى والزهري ومالك وأحمد وداود , وقال أبو حنيفة : خلفها أفضل وبه قال الأوزاعي وإسحاق , وقال الثوري : يسير الراكب خلفها والماشي حيث شاء منها . انتهى.

وهل الاتباع شرط في حصول أجر القيراطين أم لا؟

 قال الشوكاني في النيل: في رواية لمسلم :  من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى تدفن. فينبغي أن تكون هذه الرواية مقيدة لبقية الروايات فالتشييع والشهادة والاتباع يعتبر في كونها محصلة للأجر المذكور في الحديث أن يكون ابتداء الحضور من بيت الميت. ويدل على ذلك ما وقع في رواية لأبي هريرة عند البزار بلفظ : ( من أهلها ) وما عند أحمد من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ : ( فمشى معها من أهلها ) ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة وبذلك جزم الطبري

 قال الحافظ : والذي يظهر لي أن القيراط يحصل لمن صلى فقط لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة إليها لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع وصلى . واستدل بما عند مسلم بلفظ : ( من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط ) وبما عند أحمد عن أبي هريرة : ( ومن صلى ولم يتبع فله قيراط ) فدل على أن الصلاة تحصل القيراط وإن لم يقع اتباع قال : ويمكن أن يحمل الإتباع هنا على ما بعد الصلاة. انتهى.

وهكذا الخلاف في قيراط الدفن هل يحصل بمجرد الدفن من دون إتباع أو لا بد منه . انتهى كلام الشوكاني.

وفي فتاوى الرملي أنه ( سئل ) عن شخص  يمكث نهاره بموضع يصلي على كل جنازة حضرت لذلك الموضع المعين للصلاة عليها فهل يكون محصلا للقيراط الذي عينه صلى الله عليه وسلم لمن صلى عليها وشيع بقدره أم يكون أقل منه لكونه ماكثا أم لا؟ وإذا قصد بمكثه بالموضع المذكور تحصيل أجر كل صلاة بحيث لو شيع جنازة فأتته جنائز هل يكون محصلا لقيراط من صلى وشيع بقدره عملا بما نواه أم لا؟ وهل يتعدد القيراط للمصلي المشيع بتعدد الجنائز معية وترتيبا أم لا؟ وما الحكمة في تمثيله صلى الله عليه وسلم بجبل أحد دون غيره من الجبال ؟ ( فأجاب ): بأن القيراط الحاصل لمن صلى عليها على الوجه المذكور أقل من القيراط الحاصل لمن شهدها من مكانها حتى صلى عليها، بل قال بعض المتأخرين القيراط الحاصل ليس على الصلاة فقط بل هو مشروط بشهودها من مكانها حتى يصلي عليها، ويتعدد القيراط بتعدد الجنائز وإن اتحدت الصلاة عليها لأن الشارع ربط القيراط بوصف وهو حاصل في كل ميت فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات والحكمة في تمثيله صلى الله عليه وسلم بجبل أحد دون غيره من الجبال كبره وعظمه وكون المخاطبين يعرفونه. اهـ.

والله أعلم.