عنوان الفتوى : كيف يقدر نصاب الزكاة عند انعدام الذهب والفضة
النصاب المقدر في البلد الإسلامي يبنى على الذهب أي 85 غرام في قيمة الذهب، والحاصل أنه يعتبر نصابا مرجعيا للأمة، إذا انعدم الذهب وصار غير متداول على أي أساس يقدر النصاب، أو بصفة أخرى كيف يحسب النصاب بعدم الرجوع إلى الذهب أو الفضة؟ وشكراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنصاب الأثمان هو ما يساوي خمسة وثمانين جراماً من الذهب الخالص تقريباً، أو ما يساوي خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة الخالصة تقريباً، وتصور انعدام الذهب والفضة بالمرة، أمر بعيد كل البعد، ومع هذا فلن تخلو هذه الأثمان التي يتبايع بها الناس عن سبيل تقوم به وتجب الزكاة فيها إذا بلغت نصاباً، وقد ناقش الدكتور القرضاوي في كتابه فقه الزكاة مسألة مشابهة وهي إذا ما انخفضت القوة الشرائية للذهب والفضة جداً بحيث لا يمكن التقويم بهما لأن في ذلك إجحافاً بأرباب الأموال أو ارتفعت جداً فلا يمكن التقويم بها لما في ذلك من الإجحاف بالفقراء، وأولى من هذه المسألة ما إذا عدم الذهب والفضة على أنه أمر غير متصور، وخلص في نهاية بحثه إلى أن التقويم يكون باعتبار السائمة، فيكون النصاب ما بلغ نصف قيمة خمس من الإبل أو أربعين من الغنم.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الشاتين مساويتين لعشرين درهما فيما إذا لم يجد المصدق بنت لبون فإنه يأخذ بنت مخاض ويأخذ معها شاتين أو عشرين درهما فيكون الأربعون شاة ضعف النصاب من الفضة فيكون النصاب عند انعدام الفضة أو الذهب نصف قيمة النصاب في الغنم أو الإبل.
وقد ذكر القرضاوي كلام العلماء من الحنفية في هذا المعنى ثم قال في ختام البحث: وبناءاً على هذا البحث نستطيع أن نضع معياراً ثابتاً للنصاب النقدي يلجأ إليه عند تغير القوة الشرائية للنقود تغيراً فاحشاً يجحف بأرباب المال أو بالفقراء، وفي معنى هذا بل أولى انعدام الذهب والفضة كما مر، وهذا المعيار هو ما يوازي متوسط نصف قيمة خمس من الإبل أو أربعين من الغنم في أوسط البلاد وأعدلها. انتهى.
وفي الختام لا يفوتنا أن ننبه على أن الذي ينبغي على المسلم هو الاشتغال بما يهم من المسائل ويكثر وقوعه، وأن يبتعد عن أمثال هذه الافتراضات بعيدة الوقوع، فقد كثر تحذير السلف من الأغلوطات ومن توليد المسائل وتشقيقها إذا لم تدع إلى ذلك حاجة، وكانت هذه المسائل غير واقعة ولا متوقعة، وذكر طرفاً من ذلك العلامة ابن القيم في أول إعلام الموقعين.
والله أعلم.