عنوان الفتوى : شاركه إخوته في بناء البيت بمبلغ صغير وبعد مدة طالبوه بحقهم

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

1ـ قام أحد بالاقترض من بنك ربوي لشراء منزل، وقام بجدولة المبلغ حتى تمكن من شراء منزل. 2ـ تم الاشتراك بين الإخوة في المنزل المذكور بمبلغ صغير على أن يكون سكنا للجميع ولم يشترطوا في مبلغهم الإرجاع أو نصيبا من المنزل في بداية الأمر، وبعد مرور سنين على سكنهم في المنزل تقدموا بطلب نصيبهم وبالقيمة الحاليةـ وهي أكبر بكثير مما سبق ـ فهل يجوز لهم هذا؟ وإن لم أرجعه لهم فما حكم ذلك؟ وإن اختلفوا في قدر المبلغ أو كيفيته، فالقول لمن؟. 3ـ هل هذه المشاكل تعد من أكل الربا؟ مع أن الغرض منها هو تأمين مأوى لهم. 4ـ ما حكم من حاول الخروج ـ الانتقال من بنك ربوي إلى بنك إسلامي ـ ولم يستطع بسبب الديون التي عليه وجاءه الموت قبل أن يقضي دينه؟. 5ـ يقال إن آكل الربا يحاربه الله ورسوله ولا يقبل منه أي عمل ـ صيام أو حج أو صدقة أو زكاة ـ وغير مجاب الدعوة وموعده النار، فهل هذا كله صحيح؟ وما ذا يفعل إن لم يستطع بسبب الحالة المادية، إلا أنه متضايق من ذلك؟. ولكم جزيل الشكر.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما أخذه للقرض الربوي: فهو كبيرة من كبائر الذنوب تستوجب التوبة والإنابة إلى الله عز وجل بالندم عليه والعزيمة أن لا يعود إليه والإكثار من الأعمال الصالحة، كما لا يجوز الإيداع لدى البنوك الربوية مع وجود البدائل الشرعية لحفظ الأموال كالبنوك الإسلامية ونحوها، وعلى من أودع ماله في تلك البنوك الربوية أن يبادر إلى سحبها، وإن كان البنك لا يسمح له بذلك لكثرة ديونه فليبادر إلى سدادها ما استطاع، ولا يلزمه سداد الفوائد الربوية المحرمة إذا أمكنه التحايل عليها والتهرب منها وإنما يدفع أصل القرض الذي أخذه وإن كان في تعجيله للسداد إسقاط للفوائد عنه فإن ذلك يلزمه، وإلا فلا. وإذا مات قبل سداد دينه، فإن الورثة يلزمهم سداده من تركته ـ إن ترك مالا ـ لأن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه ما لم يسقطه عنه صاحبه، لما روى أحمد في المسند عن جابر قال: توفي رجل فغسلناه وحنطناه وكفناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عليه فقلنا: تصلي عليه، فخطا خطوة ثم قال: أعليه دين؟ قلنا: ديناران فانصرف فتحملها أبو قتادة، فأتيناه فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت؟ قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ فقال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الآن بردت عليه جلدته.

وقوله: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.

رواه أحمد والترمذي.

وآكل الربا وموكله ومن أعان عليه على خطر عظيم، لأن الله قد توعد المرابين بالحرب، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278 ـ 279}.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات: فذكر منهن: أكل الربا. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم: آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء.

رواه مسلم.

وأما عدم قبول صلاته أو صيامه وحجه وغيره من عباداته: فإن كان المقصود به الثواب، فعلمه عند الله عز وجل، وأما إن كان المقصود صحة تلك العبادات وسقوطها عن مؤديها: فهي صحيحة ولا يطلب من آكل الربا أو غيره إعادة ما فعله من العبادات قبل توبته.

وأما دعاء آكل الحرام: فقد ورد في الصحيح أنه لا يستجاب، وإطابة المطعم سبب في استجابة الدعاء.

وإذا تقرر ذلك، تبين أن شؤم المعصية خطير وأكل الربا من أشد المعاصي وأكبرها إثما، فليبادر فاعله بالتوبة النصوح، ومن تاب تاب الله عليه، وانظر الفتويين رقم: 18177ورقم: 72760.

وأما المنزل الذي اشترك فيه الإخوة: فهو بينهم على ما اشتركوا واتفقوا عند دفع الاشتراك إذا لم يكونوا متبرعين بما اشتركوا به ولا اعتبار لاختلاف القيمة بين زمن دفع اشتراكهم وما آل إليه الآن، كما أنه لا اعتبار لقلة ما اشتركوا به إن كان صاحب البيت ـ أخوهم أو أبوهم أو غيره ـ رضي بذلك ثمنا لسهم كل واحد منهم، فإذا كانوا ثلاثة مثلا: واشتركوا على أن المنزل بينهم بالسوية فهو كذلك، ولكل واحد منهم ثلثه، وهكذا إذا كانوا أكثر من ذلك فالعبرة بما تم الاتفاق عليه والتراضي به عند الاشتراك، ومن طلب منهم حقه في نصيبه منه وجب دفعه إليه بقيمته الآن، ولا يجوز منعه من حقه، ومن فعل فهو آثم ولصاحب الحق مقاضاته ومرافعته للمحاكم، وإن كنا لا ننصح بذلك بين الإخوة وذوي الرحم، بل الأولى هو الصلح والتراضي بما يحفظ المودة ويبقي أواصر الأخوة ووشائج القربى، وانظر الفتوى رقم: 55500.

وأما على افتراض كونهم متبرعين بما اشتركوا به: فلا حق لهم في الرجوع فيه أو المطالبة به، لقوله صلى الله عليه وسلم: الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه.

متفق عليه.

والله أعلم.