عنوان الفتوى : زوجها يضربها ويهددها فهل تلجأ إلى المحكمة الوضعية لتنجو بنفسها منه؟
أخت فرنسية أسلمت منذ سنين وتزوجت بمغربي متدين وحملته معها إلى فرنسا، وبعد مدة أحست هذه الأخت أنَّ الزوج بدأ يتغير وأصبح تفكيره في الحصول على الإقامة، وكما تروي أصبح يضربها ويهددها إن لم تحقق له ما يريد، كما أنّها كانت تقوم هي بالإنفاق عليه، لأنّه لم يسع في الحصول على عمل. خسرت عملها بسب هذه المشاكل، ولم يعد لها لا عمل ولا مأوى، والزّوج هجرها منذ ما يزيد عن ثمانية أشهر لذلك تقدّمت بقضية للطلاق لدى المحكمة والحسم فيها وحدّد لها شهر مارس 2010، لكنّها تريد الطلاق الشرعي، ولمّا طلبت من الزوج ذلك قال لها بشرط أن تذهبي معي إلى السلطات الفرنسية للحصول على الإقامة مدّة عشر سنين ثمّ أطلّقك وهي ترفض ذلك بسبب معاملته لها من عدم الإنفاق عليها وعدم توفير المسكن والملبس والمأكل، فهي تعيش حياة صعبة فهي تنام عند صديقاتها المسيحيات وحتّى أمّها رفضتها وقالت لها تحمّلي مسؤولياتك فأنت اخترت هذا الطريق ـ تعني الإسلام. فهي تريد الخلع، وقد اتصلت بشيخ ثقة من المركز الإسلامي بإحدى ضواحي باريس وعرضت عليه المسألة فطلب منها أن يحضر الزوج، فأعطته رقم هاتفه ولمّا اتّصل به وعده بالمجيء في موعد حدّده، لكنّه تخلّف ولم يتصل بالشيخ ليشرح له السبب، ومنذ أسبوع اتصل بالأخت وطلب منها إذا كانت تريد المال لأجل الطلاق وحصوله على الإقامة فهو مستعد، لكنّها رفضت ذلك وهي تسأل: ما هو الحكم الشرعي في مسألة الخلع في هذه الحالة؟. أرشدوها جزاكم الله كلّ خير فهي حائرة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الحال ما ذكر من أن هذا الرجل يضرب زوجته ويقوم بتهديدها من أجل أن تحقق له بغيته، بالإضافة إلى أنه يهجرها لغير مسوغ شرعي فهو مسيء لعشرتها، ومخالف لما أمر الله تعالى به من حسن العشرة مع الزوجة في قوله سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: }.
وطلبها الطلاق أو الخلع جائز للأسباب المذكورة، وراجع الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق بالفتوى رقم: 37112.
ولا يجوز للزوج أن يأخذ شيئا من العوض في الخلع إذا كان الضرر على الزوجة واقعا من جهته.
وإذا كان الزوجان في بلد من بلاد الكفر فيتعين رفع الأمر إلى مركز إسلامي أو لبعض العلماء المسلمين الثقات، ولا يجوز التحاكم إلى محاكم الكفر إلا في حالة الضرورة بحيث تعين ذلك لرفع الظلم عن الزوجة مع عجز المراكز الإسلامية عن حل النزاع أو عدم وجودها أصلا وتعذر التحاكم إلى محكمة شرعية في بلد مسلم كما ذكرنا في الفتوى رقم: 7561.
وإن كانت هذه الأخت ترجو أن يصلح حاله بمنحها إياه الإقامة فننصحها بالمحافظة على بقائها في عصمته خاصة وأنها قد تواجه خطرا على دينها بمخالطتها لهؤلاء النصرانيات، ثم إنها قد تواجه شيئا من الضغوط من أهلها ليردوها عن دينها.
وعلى كل حال، فإننا ننصحها بالاستعانة بإخوانها الثقات من المسلمين القائمين على المراكز الإسلامية أو غيرهم وتستشيرهم في كل خطوة تريد أن تقدم عليها.
والمرأة إذا ساعدت زوجها بشيء من مالها بنية الرجوع به عليه، فإنه يعتبر دينا لها في ذمته، ولها المطالبة به في كل وقت ـ اللهم ـ إلا إذا كان معسراً فيجب عليها إنظاره حتى يجد.
وأما إذا كانت متبرعة فليس لها الرجوع عليه بشيء، وكذا الحال فيما أنفقته على نفسها.
والله أعلم.