عنوان الفتوى : حكم إخراج الزكاة عن الذهب الذي أوصى الميت أن يحج به عنه
توفيت امرأة، وكان لها كمية من الذهب، فأوصت بأن يوقف هذا الذهب للحج عنها بعد وفاتها، وكان مقدار الذهب يفوق النصاب، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أن الحلي المعد للاستعمال المباح مختلف في وجوب زكاته بين أهل العلم، والمفتى به عندنا هو عدم وجوبها، وإن كان الأحوط إخراجها خروجا من الخلاف، وانظر الفتوى رقم: 123353.
وأما ما لم يكن معدا للاستعمال، بل كان مدخرا ففيه الزكاة، فإذا كان هذا الذهب مما تجب زكاته وكانت زكاة هذا الذهب قد وجبت على تلك المرأة حال حياتها، بأن حال الحول على هذا النصاب من الذهب وهو في ملكها، فالواجب المبادرة بإخراج الزكاة عنها قبل قسمة التركة وقبل تنفيذ الوصية، لأن هذه الزكاة دين في ذمتها فلا تبرأ إلا أن تؤدى عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
وإخراج الزكاة مقدم على الحج لتعلق الزكاة بعين المال، وما تعلق بعين المال فهو مقدم على ما كان في الذمة، وأما إذا لم تكن زكاة هذا الذهب قد وجبت عليها في حياتها فلا زكاة فيه ـ وإن كان أكثر من النصاب وحال عليه الحول ـ لأن المال الموصى به لا زكاة فيه إلا أن يوصى به لمعين فيزكيه بعد حولان الحول من وقت دخوله في ملكه، قال الشيخ ابن جبرين ـ رحمه الله: الزكاة تجب في نصيب كل وارث إذا بلغ نصابا وتم الحول الذي يبدأ من الوفاة.
وأما الثلث الموصى به فلا زكاة فيه، وإنما تنفذ الوصية على حسب ما أوصى به الميت.
وهذا الذهب حكمه حكم الوصية، فإن كان ثلث التركة فأقل وجب إخراجه من التركة قبل قسمتها، وإن كان أكثر من الثلث فأخذ ما زاد على الثلث موقوف على إذن الورثة، لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد: الثلث والثلث كثير. متفق عليه.
إلا أن يكون هذا الحج واجبا كحجة الإسلام أو حج منذور فحينئذ يجب أن يخرج من تركتها ما يحج به عنها، لأنه دين في ذمتها، ودين الله أحق أن يقضى، قال البهوتي في الروض المربع: وإن مات من لزماه أي الحج والعمرة أخرج من تركته من رأس المال ـ أوصى به أولاـ وهذا الذهب الذي أوصت هذه المرأة أن يحج به عنها لا يسمى وقفا، لأن الوقف: هو ما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه، قال ابن قاسم في حاشية الروض: وقال الوزير: اتفقوا على أن كل ما لا يمكن الانتفاع به إلا بإتلافه كالذهب والفضة، والمأكول لا يصح وقفه. انتهى.
والله أعلم.