المحكم والمتشابه
مدة
قراءة المادة :
18 دقائق
.
في موضوع المحكم والمتشابه نقرأ الآيات الكريمات، قوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} (آل عمران:7) وقوله أيضاً: {كتاب أحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير} (هود:1). و(المحكم) و(المتشابه) لفظان متقابلان، إذا ذُكِرَ أحدهما استدعى الآخر ضرورة.
وهما بحثان رئيسان من أبحاث علوم القرآن، أفاض العلماء القول فيهما، وتفاوتت أنظارهم في تعريفهما وحقيقتهما، وهما كذلك بحثان مهمان من أبحاث أصول الفقه.
و(المحكم) من حيث اللغة، مأخوذ من حَكَمْتُ الدابة وأحكمتها، بمعنى أحكمت وثاقها، ومنعتها من التفلُّت والهرب.
وإحكام الكلام: إتقانه وتمييز الصدق فيه من الكذب.
أما (المحكم) اصطلاحًا، فقد اختلفت أنظار أهل العلم في تعريفه، فقال بعضهم: هو ما عُرِفَ المراد منه؛ وقال آخرون: هو ما لا يحتمل إلا وجهاً واحداً؛ وعرَّفه قوم بأنه: ما استقلَّ بنفسه، ولم يحتج إلى بيان.
ويمكن إرجاع هذه التعريفات إلى معنى واحد، هو معنى البيان والوضوح.
و(المتشابه) لغة، مأخوذ من الشبه والتشابه، تقول: فلان يشبه فلانًا، أي: يماثله، وله من الصفات ما للآخر.
وعلى هذا، فتشابه الكلام تماثله وتناسبه، بحيث يصدِّق بعضه بعضاً.
أما تعريف (المتشابه) اصطلاحًا، فعرفه بعضهم بأنه: ما استأثر الله بعلمه، وعرفه آخرون بأنه: ما احتمل أكثر من وجه، وقال قوم: ما احتاج إلى بيان، بردِّه إلى غيره.
وبناءً على التعريف اللغوي لكلٍ من (المحكم) و(المتشابه) يتضح أنه لا تنافي بين (المحكم) و(المتشابه) من جهة المعنى اللغوي؛ فالقرآن كله محكم، بمعنى أنه متقن غاية الإتقان، وهو كذلك متماثل ومتشابه، بمعنى أنه يصدِّق بعضه بعضاً.
ثم إن المتشابه أنواع، فهناك متشابه من جهة اللفظ، وهناك متشابه من جهة المعنى، وهناك متشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا.
وتفصيل هذه الأنواع باختصار وفق الآتي: - أن المتشابه من جهة اللفظ هو الذي أصابه الغموض بسبب اللفظ، وهو نوعان: أحدهما: يرجع إلى الألفاظ المفردة؛ إما لغرابة ذلك اللفظ، كلفظ (الأبّ) في قوله تعالى: {وفاكهة وأبًّا} (عبس:31) ولفظ (الكلالة) في قوله سبحانه: {وإن كان رجل يورث كلالة} (النساء:12) فلفظ (الأبّ) في الآية الأولى، ولفظ (الكلالة) في الآية الثانية من الألفاظ المتشابهة التي تحتاج إلى بيان وتوضيح.
وإما لاشتراك ذلك اللفظ في عدة معان، كلفظ (اليمين) في قوله سبحانه: {فراغ عليهم ضربا باليمين} (الصافات:93) أي: فأقبل إبراهيم على أصنام قومه ضاربًا لها باليمين من يديه لا بالشمال، أو ضاربًا لها ضربًا شديدًا بالقوة؛ لأن اليمين أقوى الجارحتين، أو ضاربًا لها بسبب اليمين التي حلفها، ونوه بها القرآن، إذ قال: {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} (الأنبياء:57) كل ذلك جائز، ولفظ (اليمين) مشترك بينها.
ومثل ذلك يقال في الألفاظ المشتركة مثل (العين) و(القرء) فلفظ (العين) يطلق على العين الباصرة، ويطلق على العين الجارية، ويطلق على الجاسوس؛ وكذلك لفظ (القرء) يطلق على الحيض، ويطلق على الطُّهر، وكل هذه الألفاظ وما شاكلها من المتشابه، الذي لا يُعرف معناها إلا من خلال السياق الذي وردت فيه، أو عن طريق القرائن التي حُفت بها. والثاني: يرجع إلى جملة الكلام وتركيبه، من بسط واختصار ونظم؛ نحو قوله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم} (النساء:3) وقوله سبحانه: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا} (الكهف:1) ففي الآية الأولى خفاء في المراد، جاء من ناحية إيجاز اللفظ، والأصل: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى لو تزوجتموهن، فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم من النساء.
ومعناه: أنكم إذا تحرجتم من زواج اليتامى؛ مخافة أن تظلموهن، فأمامكم غيرهن، فتزوجوا منهن ما طاب لكم؛ وفي الآية الثانية وقع التشابه في ترتيب الآية ونظمها؛ فإن الخفاء هنا جاء من جهة الترتيب بين لفظ {قيماً} وما قبله، ومعنى الآية: أنزل على عبده الكتاب قيماً، ولم يجعل له عوجاً.
- والمتشابه من جهة المعنى يُمثَّل له بأوصاف القيامة وأحوالها مما لا نستطيع تصوره؛ لأن فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فإن العقل البشري لا يمكن أن يحيط بحقائق أحوال وأهوال القيامة، ولا بنعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار، وكيف السبيل إلى أن يحصل في نفوسنا صورة ما لم نحسه، وما لم يكن فينا مثله ولا جنسه.
- والمتشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا على أنواع، لن نقف على تفصيلها هنا، وحسبنا أن نمثل لهذا النوع من المتشابه بقوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} (التوبة:37) فإن من لا يعرف عادة العرب في جاهليتهم وما كانوا عليه، فإنه يتعذر عليه تفسير هذه الآية ومعرفة المراد منها.
ولا بد من الوقوف في هذا المقام عند مسألة طالما بحثها العلماء، تتعلق بقوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} (آل عمران:7) ومنشأ النظر في هذه الآية منصب على قوله تعالى: {والراسخون في العلم} هل هو كلام مبتدأ ومستأنَف، أم هو معطوف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} ومعلوم أن الوقف والابتداء في القرآن، له دور مهم وأساس في تحديد معنى الآية، وبيان وجهتها ومقصدها.
وحسبنا في هذا المقام أن نعلم أن المفسرين قد ذهبوا في تفسير الآية مذهبين: الأول يرى أن الوقف يكون على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}، وبالتالي فإن قوله تعالى: {والراسخون في العلم} كلام مبتدأ ومستأنف، والمعنى على هذا: أن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يؤمنون به كما جاء، ويكِلُون علمه إلى الله سبحانه. وقد أيَّد أصحاب هذا المذهب ما ذهبوا إليه، بما رواه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: تلا رسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} (آل عمران:7) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمَّى الله، فاحذرهم).
أما المذهب الثاني، فيرى أن قوله تعالى: {والراسخون في العلم} معطوف على قوله: {وما يعلم تأويله إلا الله} وعلى هذا يكون تفسير الآية: أن الراسخين في العلم يعلمون تفسير المتشابه من القرآن.
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: أنا من الراسخين في العلم، الذين يعلمون تأويله.
ولقد صدق رضي الله عنه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له، فقال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل) رواه أحمد.
قال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلى آخره، أقفه عند كل آية، وأسأله عنها.
وقد تواترت النقول عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه تكلم في جميع معاني القرآن، ولم يقل عن آية إنها من المتشابه الذي لا يعلم أحد تأويله إلا الله.
وقد صحح الإمام النووي هذا القول، مستدلاً على صحته، بأنه يبعد أن يخاطب سبحانه عباده بما لا سبيل لأحد من الخلق إلى معرفته.
والحق، فإنه لا يوجد تعارض بين هذين المذهبين، والتوفيق بينهما أمر ممكن ومتيسر، وذلك إذا علمنا المقصود من لفظ (التأويل) الوارد في قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}.
وبالرجوع إلى معنى (التأويل) يتبين لنا أن هذا اللفظ يُطلق على معنيين: الأول: (التأويل) بمعنى التفسير، فتأويل الكلام تفسيره، وتوضيح معناه.
والتأويل في كلام كثير من المفسرين، وخاصة المتقدمين منهم كالطبري وغيره، يُطلق بهذا المعنى، وهم يريدون به تفسير الكلام، وبيان معناه؛ فهو إذن اصطلاح معروف ومشهور عند أهل التفسير. و(التأويل) في كلام المتأخرين من الفقهاء والمتكلمين: هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح، لدلالة توجب ذلك.
وهذا هو التأويل الذي تنازع الناس فيه.
فالتأويل الصحيح منه ما وافق نصوص الكتاب والسنة ولم يخالفها.
والتأويل الفاسد منه ما خالف ذلك.
والمعنى الثاني من معاني (التأويل) يأتي بمعنى: الحقيقة، فتأويل الكلام، الحقيقة التي يؤول إليها.
وعلى هذا المعنى جاء قول عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي ، يتأوَّل القرآن) تعني قوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره} (النصر:3) رواه البخاري ومسلم.
وبناءً على ذلك، نستطيع أن نقول: إن الذين ذهبوا إلى حصر علم التأويل في حقِّ الله تعالى، إنما يقصدون بذلك التأويل بالمعنى الثاني، أي: الحقيقة التي يؤول إليها الغيب، وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان؛ لأن حقيقة الغيب لا يعلمها إلا الله.
أما الذين ذهبوا إلى أنه يمكن للعلماء العلم بالتأويل، فإنهم يقصدون بذلك التأويل بالمعنى الأول، أي: معنى التفسير، وهذا أيضاً لا يختلف فيه اثنان.
ويمكن أن نمثِّل لهذا بمثال يزيد الأمر وضوحاً وجلاءً، فنقول: إن صفة العلم التي وَصَفَ الله بها نفسه، وكذلك باقي الصفات، يمكن للعلماء تأويلها، بمعنى تفسيرها، أما تأويلها بمعنى معرفة حقيقة هذه الصفة، أو معرفة حقيقة باقي صفاته سبحانه، فهذا ما لا سبيل لأحدٍ إليه، كما سنبين ذلك لاحقاً.
إذا تبين ما تقدم، نضيف إليه أمرًا آخر، وهو أن وجود المتشابه في القرآن له فوائد عدة، ذكرها العلماء، من تلك الفوائد: الحث على النظر والبحث والتأمل في آيات الله سبحانه.
ومنها: إثبات التفاضل والتفاوت في العلم بين العباد؛ إذ لو كان القرآن الكريم كله محكمًا لاستوت منازل الخلق في فهمه، ولم يظهر فضل العالم على الجاهل، ولم يتبين فضل الذي يعلم حقيقة القول على الذي يعلم ظاهره، وقد جعل الله بعض القرآن محكمًا؛ ليكون أصلاً للرجوع إليه، وجعل بعضه متشابهًا يحتاج إلى الاستنباط وإعمال العقل، ورده إلى المحكم.
ومنها أيضًا: ابتلاء العباد بالوقوف عند المتشابه من الآيات دون الخوض في تأويلها، بما لا تحتمله من وجوه التأويل، وتسليم الأمر فيها إلى الله تعالى.
وقد ذكر الشيخ الزرقاني فوائد أخر، يمكن تتبعها في كتابه (مناهل العرفان).
ثم إن الثمرة العلمية والعملية لهذا البحث، تتجلى في بيان موقف المسلم من موضوع (المتشابه) الذي كان -ولا يزال- مزلة أقدام كثيرة، وموضع أخذ ورد.
وكان من أهم المسائل التي دار الخلاف حولها مسألة صفات الخالق سبحانه، الواردة في العديد من الآيات والأحاديث؛ كقوله تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت} (الفرقان:58) وقوله سبحانه: {وهو بكل شيء عليم} (البقرة:29) وقوله سبحانه: { وهو على كل شيء قدير} (المائدة:120) وقوله تعالى: {وهو السميع البصير} (الشورى:11) وقوله سبحانه: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} (المائدة:54) وقوله تعالى: {رضي الله عنهم ورضوا عنهم} (المائدة:119) وقوله سبحانه: {ولكن كره الله انبعاثهم} (التوبة:46) وقوله تعالى: {وغضب الله عليه ولعنه} (النساء:93) وقوله سبحانه: {ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} (الرحمن:27) وقوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان} (المائدة:64) ونحو ذلك من الآيات؛ ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: ( ينـزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا) متفق عليه، وقوله: (إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) متفق عليه، وقوله: (لله أشد فرحًا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها ) رواه مسلم ونحو ذلك من الأحاديث.
فالواجب في مثل هذه الآيات والأحاديث الداخلة في باب (الصفات) إثبات ما أثبته الله ورسوله، ونفي ما نفاه الله ورسوله، والألفاظ التي ورد بها النص يُعتصم بها في إثبات الصفات ونفيها؛ فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته نصوصهما منهما.
وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى يُنظر في مقصود قائلها؛ فإن كان معنى صحيحًا قُبِلَ، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص، دون الألفاظ المجملة.
وقد أطبقت كلمة الأئمة المتقدمين على أن ما ورد في (باب الصفات) من الآيات والأحاديث، ينبغي حمله على ظاهره، من غير تأويل أو تحريف أو تعطيل أو تمثيل؛ وأن ظاهرها لا يقتضي تمثيل الخالق بالمخلوق.
فقد ثبت عن الإمام مالك أنه سئل عن الاستواء، فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. وسئل سفيان الثوري عن ذلك أيضًا، فقال: أفهم من قوله: {الرحمن على العرش استوى} ما أفهم من قوله: {ثم استوى إلى السماء} (فصلت:11).
ففي كل هذه الأقوال ما يفيد أن (الاستواء) معلوم من حيث اللغة؛ والكيف مجهول، أي: حقيقة تلك الصفة مجهولة لنا، لا دليل عندنا عليه، ولا سلطان لنا به؛ والسؤال عنه بدعة، أي: الاستفسار عن الكيفية بدعة؛ لأنه ليس من هدي السلف، ولأنه أمر لا يمكن إدراكه أو الوصول إليه، وما جزاء المبتدع إلا أن يطرد ويبعد عن الناس خوف أن يفتنهم؛ لأنه رجل سوء، وداعية فتنة.
وقد رُوي عن بعض أهل العلم، أنه سئل عن الآيات والأخبار التي فيها من صفات الله تعالى، فقال: نمرها كما جاءت، ونؤمن بها، ولا نقول: كيف وكيف.
قال ابن الصلاح: وعلى هذه الطريقة مضى صدر الأمة وسادتها، وإياها اختار أئمة الفقهاء وقادتها، وإليها دعا أئمة الحديث وأعلامه، ولا أحد من المتكلمين من أصحابنا يصدف عنها ويأباها.
وقد أفصح الإمام الغزالي عن موقف السلف من هذه المسألة في كتابه (إلجام العوام عن علم الكلام) وهو آخر تصانيفه رحمه الله في أصول الدين، وحث فيه على التزام مذهب السلف، ومن تبعهم في هذه المسألة.
فالعمدة فيما جاء في (باب الصفات) الأدلة القطعية التي توافرت على أنه تعالى: {ليس كمثله شيء} وقد أُكدت هذه الحقيقة في كثير من الآيات القرآنية، كقوله سبحانه: {قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد * ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد} وقوله تعالى: {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} (فاطر:15) والنصوص في الكتاب والسنة كثيرة ومستفيضة، تؤيد هذه الحقيقة وتؤكدها.
هذا قول مجمل في موضوع آيات الصفات وما شاكلها من أحاديث، ويمكن التوسع في هذا الباب بالرجوع إلى ما كتبه الشيخ الزرقاني في كتابه (مناهل العرفان) وأيضًا ما كتبه الشيخ ابن عثيمين في كتابه (تقريب التدمرية).
وحاصل القول في موضوع المحكم والمتشابه الوارد في القرآن، أنه من جهة اللغة لا تنافي بينهما؛ إذ القرآن كله محكم بمعنى أنه متقن غاية الإتقان، وهو أيضًا متشابه، بمعنى أنه يصدق بعضه بعضًا؛ أما من جهة الاصطلاح، فالمحكم ما عُرف المقصود منه، والمتشابه ما غَمُض المقصود منه.
وظهر لنا أيضًا الموقف السليم من النصوص الواردة في باب الصفات، وأن القول الصواب فيها ما ذهب إليه السلف من إجراء تلك النصوص على ظاهرها، دون أن يقتضي ظاهر تلك النصوص تمثيل الخالق بالمخلوق.