عنوان الفتوى : حكم قراءة الفاتحة وبداية سورة البقرة في أذكار الصباح والمساء
ما حكم قراءة الفاتحة و بداية سورة البقرة في أذكار الصباح والمساء؟ وما أصح الآيات القرآنية في هذا الباب مع الدليل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على شيء صحيح من السنة يدل على أن قراءة سورة الفاتحة وفواتح سورة البقرة تسن صباحا ومساء.
وينبغي التنبه إلى أنه لا يصح دعوة الناس إلى استخدام أذكار معينة لم يرد في السنة تحديدها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 73716 .
وأما ما رواه البيهقي في (شعب الإيمان) من طريق عاصم عن الشعبي عن ابن مسعود قال: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة أول النهار لم يقربه شيطان حتى يمسي، ومن قرأها حين يمسي لم يقربه حتى يصبح، ولا يرى شيئا يكرهه في أهله وماله، وإن قرأها على مجنون أفاق: أربع آيات من أولها، وآية الكرسي واثنتين بعدها، و ثلاث آيات من آخرها.
فهذا موقوف ضعيف الإسناد، فإن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود، كما نص عليه أبو حاتم الرازي والدارقطني والحاكم. وعاصم صدوق له أوهام، كما في التقريب. وقد رواه الدارمي من وجه آخر عنه بلفظ: من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة وآية الكرسي وآيتين بعد آية الكرسي وثلاثا من آخر سورة البقرة لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ... وليس في هذه الرواية ذكر الصباح ولا المساء، وقد رواه أبو العميس المسعودي ـ وهو ثقة من رجال الشيخين ـ عن الشعبي به، بلفظ: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في بيت لم يدخل ذلك البيت شيطان .. . أخرجه الدارمي والطبراني.
قال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود. اهـ.
وقال حسين سليم أسد في تحقيق سنن الدارمي: رجاله ثقات غير أنه منقطع الشعبي لم يسمع من ابن مسعود. اهـ.
وهذه الرواية أصح، وليس فيها النص على الصباح والمساء أيضا.
وروى الدارمي عن المغيرة بن سبيع ـ وكان من أصحاب عبد الله بن مسعود ـ قال: من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن: أربع آيات من أولها وأية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث من آخرها.
قال حسين سليم أسد : إسناده صحيح إلى المغيرة وهو موقوف عليه. اهـ. وفي هذه الرواية التقييد بالمنام لا بالصباح والمساء.
والخلاصة أننا لا نعلم دليلا صحيحا من السنة يدل على استحباب المواظبة على سورة الفاتحة وأول سورة البقرة في أذكار الصباح والمساء.
وقد قال الشيخ ابن باز في تعليقه على (زاد المعاد): قراءة الفاتحة وأول سورة البقرة في الصباح والمساء لا أعلم عليه دليلا. اهـ.
وأما الآيات القرآنية التي يسن المواظبة عليها صباحا ومساءاً فمن أصحها: المعوذات ، فعن عبد الله بن خبيب قال: خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه، فقال: أصليتم؟ فلم أقل شيئا، فقال: قل. فلم أقل شيئا، ثم قال: قل. فلم أقل شيئا، ثم قال: قل. فقلت: يا رسول الله ما أقول؟ قال: قل: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات، تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح. والنسائي. وحسنه الألباني.
ومما روي في ذلك: آية الكرسي ، فعن أبي هريرة مرفوعا: من قرأ حم المؤمن إلى إليه المصير وآية الكرسي حين يصبح، حفظ بهما حتى يمسي، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح. رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب وقد تكلم بعض أهل العلم في عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة المليكي من قبل حفظه. اهـ. وضعفه النووي والألباني.
ومما يستحب قراءته كل ليلة: الآيتان في آخر سورة البقرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه. متفق عليه.
قال النووي: قِيلَ: مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَام اللَّيْل. وَقِيلَ: مِنْ الشَّيْطَان. وَقِيلَ: مِنْ الْآفَات. وَيَحْتَمِل مِنْ الْجَمِيع. اهـ.
وقد سبق لنا ذكر طرف من أذكار الصباح والمساء في الفتوى رقم: 11882. كما سبق ذكر بعض الكتب المعنية بالأدعية والأذكار في الفتوى رقم: 75826 .
والله أعلم.