عنوان الفتوى : حكم صرف المال في غير الوجه المتبرع به من أجله
تبرع لي ناس بمبلغ لأداء عمرة، فهل يجوز لي استخدم ذلك المبلغ في سد احتياجات الزواج؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك أن تصرف هذا المال في غير الوجه الذي تبرع به هؤلاء الناس لك، إلا إن استأذنتهم، فإن أذنوا فلا حرج عليك في هذه الحال، وذلك لأن مقصودهم في التبرع معتبر شرعا، فإنهم إنما قصدوا التقرب إلى الله بإعانتك على أداء العمرة، وقد نص الفقهاء على أنه يجب مراعاة شرط المتبرع إن كان له مقصود شرعي، ولم يكن تبرعه من باب الهبات المحضة، جاء في حاشية الجمل: لَوْ دَفَعَ لَهُ تَمْرًا لِيُفْطِرَ عَلَيْهِ تَعَيَّنَ لَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ نَظَرًا لِغَرَضِ الدَّافِعِ. انتهى.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: وَلَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ وَقَالَ اشْتَرِ لَك بِهَا عِمَامَةً أَوْ اُدْخُلْ بِهَا الْحَمَّامَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ تَعَيَّنَتْ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الدَّافِعِ، هَذَا إنْ قَصَدَ سَتْرَ رَأْسِهِ بِالْعِمَامَةِ وَتَنْظِيفَهُ بِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ لِمَا رَأَى بِهِ مِنْ كَشْفِ الرَّأْسِ وَشَعَثِ الْبَدَنِ وَوَسَخِهِ، وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ، فَلَا تَتَعَيَّنُ لِذَلِكَ، بَلْ يَمْلِكُهَا أَوْ يَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ. انتهى.
فظهر أن الفقهاء ـ رحمهم الله ـ يفرقون بين التبرعات المحضة وبين ما للمتبرع فيه مقصود معين فيعتبر. وعليه، فليس لك صرف هذا المال حيث شئت إلا بإذن من تبرعوا به، إلا إن علمت أنهم إنما قصدوا مواساتك بهذا المال، وليس لهم مقصود في أدائك العمرة خاصة، وهذا غير ظاهر، وانظر الفتوى رقم: 125179.
والله أعلم.