عنوان الفتوى : اليقين لا يزول بالشك
قد حدث لي أني أثناء صلاة المغرب أن شعرت وكأن نقطة بول خرجت مني، فقلت إنها وسوسة ولم أخرج من الصلاة، وصعدت إلى المنزل، وحاولت أن أرى إن كان خرج شيء أم لا؟ فلم أجد شيئا، ولكن قبل صلاة العشاء دخلت الخلاء فوجدت أثرا شككت بأغلب الظن أنه قد يكون ما شعرت به في صلاة المغرب، فطهرت ثيابي بأن وضعت يدي تحت الماء ثم جعلت تسقط قطرات من الماء على ثيابي حتى ابتلت كلها وحتى أني لم أعد أرى هذا الموضع النجس- جاهلا بأن هذه ليست الطريقة الصحيحة لغسل الثياب- ثم صليت المغرب قضاء محتسبا وراجيا ألا يحرمني الله ثواب الجماعة، وبعدها صليت العشاء، ثم صعدت إلى المنزل فوجدت أنه مازال هناك أثر لهذه القطرة من البول، فقلت إني قد طهرت ثيابي وأن هذا الأثر الباقي من يسير النجاسات التي يعفى عنه ولم أعد الصلاة على الرغم من أن وقتها لم يخرج. فهل هذا صحيح أم أن علي أن أعيد الصلاة ؟ثم إني كثيرا أجد على ثيابي من ناحية الدبر لون أصفر بسيط - وليس لون غائط أو عين نجسة - وذلك على الرغم من أني أتطهر جيدا وأصبحت أستخدم الصابون حتى أتأكد من تمام التطهر، وأقول في نفسي إن هذه الصفرة البسيطة جدا لا تؤثر على صحة طهارة ثوبي بشيء. فهل هذا صحيح ؟وأرجو الإجابة بألفاظ بسيطة فإني لست من طلبة العلم، وهناك الكثير من الأسئلة على هذا الموقع المبارك أجد أجوبتها صعبة الفهم فيرجى الأخذ في الاعتبار أن هناك من يدخل الموقع ولا يفهم الكثير من ألفاظ أهل العلم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنشكر لك حرصك على صحة عبادتك من وضوء وصلاة، ثم اعلم أخي الكريم أن اليقين لا يزول بالشك، وأن الأصل صحة العبادة حتى يثبت ما يبطلها.
وبناء على ذلك، فإذا شككت أثناء الصلاة هل نزلت منك قطرة بول أم لا؟ فصلاتك صحيحة، ولا يشرع لك قطعها، وكذلك الحال بالنسبة للوضوء، ولا يلزمك تفتيش الثوب ولا النظر في العضو إذا لم تتحقق من نزول البول، كما لا يلزمك غسل العضو ولا المكان الذي التصق به إذا لم يحصل لك يقين بوجود نجاسة، كما سبق بيانه في الفتويين : 110612، 60609.
أما إذا تيقنت نزول شيء من البول، فيجب عليك التطهر وإعادة الوضوء، وتطهير ما أصابه البول من ثوبك، وطريقة تطهيره أن يغسل بالماء الطهور حتى ينفصل الماء طهورا غير متغير بالنجاسة، ولا بد من زوال طعم النجاسة ولونها وريحها، إلا إذا عسر زوال اللون والريح، فيعفى عنهما للمشقة، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 45586، 12598، 14732.
أما بالنسبة للقدر الذي يعفى عنه من النجاسات، فهذا محل خلاف بين أهل العلم كمَّاً ونوعا، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتويين: 17221، 50760. كما سبق أن ذكرنا أقوال أهل العلم في صلاة من صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة، مفصلة في الفتوى رقم: 6115.
والظاهر من حال السائل الكريم أنه لم يتيقن نزول قطرة البول، فإنه قال:- حاولت أن أرى إن كان خرج شيء أم لا فلم أجد شيئا- ثم لما دخل الدخلاء بعد ذلك يقول:-وجدت أثرا شككت بأغلب الظن أنه قد يكون ما شعرت به في صلاة المغرب- وهذا هو الشك بعينه، ولا سيما وقد طال الوقت.
وعلى ذلك فصلاة المغرب كانت صحيحة، ولم يكن يجب عليك إعادتها، وهذا الأثر من البول الذي أسقطت عليه قطرات من الماء لتطهيره إنما هو موضع شك وليس ببول يقينا. وقد سبق أن نبهنا على أن الشك في نزول قطرات من البول لا عبرة به ولا حكم له، في الفتوى رقم: 98127.
وكذلك مسألة اللون الأصفر المسؤول عنه لا عبرة به، فهو ـ كما في السؤال ـ ليس بلون غائط ولا عين نجسة، هذا مع كون السائل يحسن التطهر ويستخدم الصابون ليتأكد من تمام التطهر. فحكم السائل على ذلك بأنه لا يؤثر على صحة طهارة الثوب حكم صحيح، وقد يكون ذلك من أثر العرق.
هذا بخلاف ما إذا تيقن المرء من كون هذا اللون الأصفر من أثر الغائط ، فيجب غسله، وراجع في ذلك الفتوى رقم : 70665 .
والله أعلم.