عنوان الفتوى : يخرج منه بعد التبول نقطة ودي أو بول .. فكيف يطهر ثوبه؟
رجل ينزل منه بعد التبول بـ 10 دقائق ودي أو نقطة بول فماذا يصنع بالنسبة لطهارة ثوبه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أصاب ثوبه بول أو ودي أو غيرهما من النجاسات وجب عليه غسل الموضع الذي أصابته النجاسة، فإن لم يستطع تحديد الموضع لزمه غسل الثوب كاملاً.
وأما إذا كانت النجاسة يسيرة كنقطة بول أو ودي ، فاختلف أهل العلم فيها، فيرى الشافعية أنه لا يلزم غسلها، ووافقهم المالكية فيما إذا عسر الاحتراز منها كأثر الذباب من العذرة والبول، ورأوا أن ما كان كدرهم بغلي فأقل، من الدم والقيح والصديد يعفى عنه. والدرهم البغلي هو الدائرة السوداء التي في باطن ذراع البغل.
وذهب الحنفية إلى أن ما كان من النجاسة المغلظة، وهي ما ثبت بدليل مقطوع به، كالدم والبول والخمر، فإنه يعفى عن قدر الدرهم وما دونه، وما كان من النجاسة المخففة وهي ما ثبت بخبر غير مقطوع به، كبول ما يؤكل لحمه، يعفى عنها ما لم تبلغ ربع الثوب على تفصيل عندهم في الثوب المعتبر في هذا التقدير.
قال البابرتي في (العناية شرح الهداية): وقدر الدرهم وما دونه من النجس المغلظ كالدم والبول والخمر وخرء الدجاج وبول الحمار جازت الصلاة معه، وإن زاد لم تجز.
وقال الإمام النووي في (المنهاج): وكذا في قول نجس لا يدركه طَرْف -أي معفو عنه- قلت: -والقول للنووي- ذا القول أظهر. والله أعلم ا.هـ
قال الخطيب الشربيني في (مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج) قوله: وكذا في قول نجس لا يدركه طرف، أي لا يشاهد بالبصر لقلته لا لموافقة لون ما اتصل به، كنقطة بول وخمر وما تعلق بنحو رجل ذبابة عند الوقوع في النجاسات -وقوله- قلت: ذا القول أظهر، أي من مقابله وهو التنجيس لعسر الاحتراز عنه، فأشبه دم البراغيث. ا.هـ
وقال الخطيب أيضاً في بيان تحديد اليسير المعفو عنه من النجاسات: قال شيخنا -أي زكريا الأنصاري-: والأوجه تصويره باليسير عرفاً، وهو حسن. ا.هـ
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه لا يعفى عن يسير النجاسة خصوصاً الغائط أو البول. قال البهوتي في (كشاف القناع): فصل: ولا يعفى عن يسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف أي البصر، كالذي يعلق بأرجل ذباب ونحوه، لعموم قوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر:4]، فإن كان من سبيل لم يعف عنه لأنه في حكم البول أو الغائط.
وقال ابن قدامة في (المغني): فصل: ولا فرق بين يسير النجاسة وكثيرها، وسواء كان اليسير مما يدركه الطرف أو لا يدركه من جميع النجاسات، إلا أن ما يعفى عن يسيره في الثوب كالدم ونحوه حكم الماء المتنجس به حكمه في العفو عن يسيره، وكل نجاسة ينجس بها الماء يصير حكمه حكمها، لأن نجاسة الماء ناشئة عن نجاسة الواقع وفرع عليها، والفرع يثبت له حكم أصله، وقيل عن الشافعي: إن ما لا يدركه الطرف من النجاسة معفو عنه للمشقة اللاحقة به. ونص في موضع على أن الذباب إذا وقع على خلاء رقيق أو بول ثم وقع على الثوب غسل موضعه، لنجاسة الذباب مما لا يدركه الطرف، ولأن دليل التنجيس لا يفرق بين يسير النجاسة وكثيرها، ولا بين ما يدركه الطرف وما لا يدركه، فالتفريق تحكُّم بغير دليل، وما ذكروه من المشقة غير صحيح، لأننا إنما نحكم بنجاسة ما علمنا وصول النجاسة إليه، ومع العلم لا يفترقان في المشقة ثم إن المشقة حكمة لا يجوز تعليق الحكم بها بمجردها، وجعل ما لا يدركه الطرف ضابطاً لها غير صحيح، فإن ذلك إنما يعرف بتوقيف أو اعتبار الشرع له في موضع، ولم يوجد واحد منهما. ا.هـ
ولعل هذا القول الأخير هو الراجح، إلا فيما إذا عسر الاحتراز جداً.
وعليه، فينبغي لمن تنزل منه قطرات بول أو ودي أن يضع على ذكره خرقة ونحو ذلك، ويربطها لمدة يغلب على ظنه فيها انقطاع النازل، ثم ينزعها لئلا تلوث النجاسة ثوبه أو بدنه، فإن لم يفعل وأصابت النجاسة ثوبه لزمه غسل موضع النجاسة إن علمه، وإلا لزمه غسل الثوب كاملاً.
والله أعلم.