عنوان الفتوى : حكم تغيير الاسم, وانتحال شخصية ذكر، وتغيير العمر
أنا فتاة أخاف على نفسي، لذا دائما أكتب معلومات زائفة عني بالمنتديات، وأدخل بأسماء تصلح للجنسين-يعني لايستطيع من هو أمامي أن يميز ما إذا كنت (ولد أو بنت) ولكني نادرا أتحدث كما لو أني رجل لحمايه نفسي. فهل يعتبر كذبا أو تشبها بالرجال وخاصه أن لدي حجة في الموضوع وهي: عند ما أكذب بوضع اسم غير اسمي الحقيقي فلا أعتبره كذبا لأن الإنسان من حقه أن يسمي نفسه بالإسم الذي يشاء، وخاصة أنني لست من سميت نفسي، وعندما أكذب بعمري، فمعظم الأحيان لايقاس العمر بعمر السنين، فقد يكون لي عمر افتراضي أضعه لنفسي، وهكذا، واذا كان حراما فما البديل ؟ أرجو الإجابه بالتفصيل ومن جميع الأوجه جزاكم الله خيرا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل في الكذب أنه حرام لا يجوز, وهذا أظهر من أن يحتج له وأوضح من أن يستدل عليه, ولا يباح اللجوء إليه إلا عند الحاجة من تحقيق مصلحة أو دفع مضرة, وقد بينا هذا في الفتويين: 39152 ,72604.
وسؤالك قد تضمن الاستفسار عن ثلاثة أمور : تغيير الاسم, وانتحال شخصية ذكر، وتغيير العمر.
أما تغيير مجرد الاسم باسم محتمل يصلح التسمي به لكلا الجنسين دون انتحال جنس مخالف فهو جائز كما بيناه في الفتوى : 63879 .
وأما انتحال جنس مخالف أثناء الحديث في المنتديات وما يتبعه من تغيير العبارات والألفاظ والضمائر, فهو غير جائز لأنه من الكذب المحرم بل فيه من المفاسد ما يربو على مفسدة الكذب المجرد, لأن المتحدث إما أن يكون رجلا أو امرأة، فإن كان رجلا فإما أن يكون حديثه مع امرأة فهذا حديث لا يجوز لأنه ذريعة للشر والفساد كما بيناه في الفتويين : 41966 , 1072. بالإضافة إلى أن تحدثه معها على أنه امرأة مثلها يقودها إلى التبسط والاسترسال معه في الحديث وهذا فيه خداع لها وفتنة لكليهما.
وإما أن يكون حديثه إلى رجل مثله وحينئذ فلا حاجة إلى انتحال شخصية أنثى لأنه بذلك يفتن محدثه بالإضافة إلى ما يكتسبه من التدليس والكذب.
وإما أن يكون المتحدث امرأة فلا يجوز لها حينئذ الحديث مع الرجال الأجانب لأنه حديث محرم كما بيناه في الفتويين المحال عليهما آنفا, وإما أن يكون حديثها إلى أنثى فلا حاجة لانتحال شخصية رجل لأنها بذلك تفتن محدثتها بالإضافة إلى ما يشتمل عليه هذا الفعل من تشبه الرجال بالنساء وتشبههن بالرجال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء.
فقوله: المتشبهين والمتشبهات. من صيغ العموم لأنه جمع معرف بالألف واللام, وقد تقرر في علم الأصول أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال. جاء في الفروق للقرافي: القاعدة: أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال. انتهى.
وإذا كان مطلقا في الأحوال فإن أي حال يثبت فيها التشبه فقد ثبت الحكم ودخل الأمر في نطاق الحرمة, ولا شك أن المرأة التي تتحدث عن نفسها بصيغة المذكر وتستعمل الألفاظ والضمائر الخاصة بالذكور فإنها متشبهة بهم, فدخلت حينئذ تحت الوعيد المذكور.
وأما تغيير العمر فالأصل فيه عدم الجواز أيضا لأنه من الكذب, ولكن إن وجدت حاجة إليه فلا حرج في الإخبار بخلاف العمر الحقيقي ولكن باستعمال التورية والمعاريض, فيجوز لإنسان مثلا عمره عشرون عاما أن يخبر أن عمره أربعون وقصده أربعون نصف سنة، وذلك مبالغة في البعد عن الكذب بكل سبيل. والمعاريض فيها مندوحة عن الكذب كما بيناه في الفتوى رقم: 58927.
والله أعلم.