أرشيف المقالات

مواجهة الفشل

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
(الفاشل ليس من يقع في الفشل؛ إنما الفاشل من يقع فيه ثم يرتضيه).

إن الفشل كلمة ذات طعم مر يخشى من سماعها كل شخص.
ترى ما هو الفشل؟ ومن هو الفاشل؟ وهل للفشل دور ودافع للنجاح أم له دور سلبي للرجوع إلى الوراء؟

إن الفشل هو العجز عن الوصول إلى الهدف المرجو، وهو نهاية قاسية لمجهود إنسان، ومن المؤكد أننا قد نتعرض للفشل خلال مسيرتنا لتحقيق أهدافنا في هذه الحياة، وقد يتكرر الفشل مرات عديدة، وليس من الخطأ أن يشعر الشخص بالألم عندما يخفق في تحقيق أهدافه، لكن الخطأ قد يكمن في الخطوات التالية من السلوك، فهذا الألم هو نقطة انطلاق لسلوك جديد، فهل سيكون هذا السلوك سلوكًا إيجابيًا بَنَّاءً أم سلوكًا سلبيًا هدامًا؟
لا يوجد شخص متعقل يبحث عن الفشل أو يريده، كلنا نكافح من أجل الوصول إلى أفضل ما نتمناه.
إذن لماذا يفشل بعض الأشخاص ويتذوقون مرارة الفشل وآلامه؟ إن السبيل المنطقي لمعرفة ذلك يكون بالتعرف على الأسباب الكامنة وراء الفشل لكي نتجنبه.



أسباب الفشل:
يرتبط فشل الإنسان عادة بعوامل عديدة تساهم في إيجاده وتطويره، منها ما يكون له علاقة بالشخص نفسه، ومنها ما يتعلق بالبيئة الخارجية المحيطة به.
ومن هذه العوامل ما يلي:-

- عدم الثقة بالنفس، والاعتقاد الخاطئ بأننا لا نملك مقومات النجاح، والاستسلام لخبرات الفشل السابقة، فيجب على كل فرد أن يكف عن النظر إلى نفسه بوصفه إنسانا فاشلا بعد التعرض لخبرات فشل سابقة.

- سوء التخطيط وعدم الدقة في وضع النظام واتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق النجاح.

- إسقاط الفشل على الآخرين، فالإنسان الفاشل يبحث دومًا عن شماعة يعلق عليها أخطاءه، هربًا من إلقاء اللوم والتقصير على نفسه.

- رفض تكرار التجربة، فعند حصول أي انهزام مؤقت ينسحب الفاشل وينزوي على نفسه، مبررًا هذا الانزواء بأنه وسيلة لحماية النفس من أي انتكاسة أو فشل جديدين.

- كثرة الانتقادات واللوم التي يتلقاها بعض الناس من المحيط الاجتماعي الذي يعيشون فيه، وما يرافق هذه الانتقادات من تعابير وتصرفات تذكر الفاشل بفشله وتقارنه بغيره من الناجحين داخل العائلة أو خارجها.

- البطالة التي تنتشر في كثير من الدول والتي تمنع الشباب الكفء من إيجاد فرص العمل المناسبة، الأمر الذي ينعكس على نفسية الشباب ويزيد من إحساسهم بالفشل.

- الانغماس في أكثر من مهمة، فهناك بعض الأشخاص الذين يقومون بتنفيذ أكثر من عمل في آن واحد ما يؤدى إلى عدم إجادتهم لهذه الأعمال، فمن الأفضل أن يتقن الشخص مهارات محددة ويترك الأخرى لأصحابها الذين يجيدونها، وذلك لمزيد من الإتقان والقوة في الأداء.

- الانشغال الدائم والانغماس في الإنتاجية، فهما مفهومان لا يتقابلان مع بعضهما البعض على الإطلاق؛ فكون الإنسان منشغلاً طوال الوقت فهذا لا يعنى اقترابه من الهدف الذي يسعى إليه، فمع هذا الانشغال وعدم وجود الوقت الكافي لا يتمكن الإنسان من التفكير في الهدف الصحيح الذي ينبغي عليه القيام به بدلاً من اللجوء إلى الأشياء الأخرى التي تشغل الوقت بدون نفع أو جدوى.
كما أن هناك بعض العوامل التي إذا ارتبطت بالعوامل السابقة قد تؤدى إلى تفاقم المشكلة وتعاظمها ومن أهم هذه العوامل:

- ضعف الوازع الديني: فالفشل مثله مثل أي مصيبة في الحياة فهو من الابتلاءات التي يختبر بها الله سبحانه وتعالى عباده الصالحين، وإن فشل اليوم لا ينفي النجاح غدا، والله عز وجل يقول: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران:140].

- ضعف الهمة : فقد يتراجع الإنسان ويتقهقر عند أول تجربة فاشلة يمر بها، فنراه يرفض أحيانًا إعادة التجربة مرة أخرى، ويكتفي بما آلت إليه حاله، متناسيًا أن تحقيق الأماني يحتاج إلى عزم وإرادة ومثابرة.

- الإحساس المفرط بالفشل: فهذا الإحساس المفرط يدعم الفشل ويدفعنا إلى مزيد من الفشل، ومن ثم تتأصل جذور الفشل في داخلنا، ولا نقوى على تحمل الإحباط، ولا نستطيع أن نحقق كل ما ظللنا نحلم به على مدار حياتنا.


الطريق نحو النجاح:
ولكي يتسنى للشخص الذي لقي الفشل التغلب على أسبابه، فيجب عليه أن يبحث في العوامل المعوقة لنجاحه ويقضى عليها، ولكي يهزم الفشل ويحل النجاح محله عليه أن يستفيد من خبراته التي مرت في حياته، سواء كانت خبرات سارة أم خبرات مكدرة، وسواء كانت خبرات نجاح أم خبرات فشل، إضافة إلى ذلك على الشخص الاستفادة من خبرات الآخرين، سواء كانت خبرات إيجابية ناجحة أو خبرات سلبية فاشلة، كما أنه لا بد من توافر الرغبة الحقيقية في تحقيق هدف معين والنجاح فيه، فالنجاح حلم يمكن تحقيقه بالتفكير الجيد لكي يتحول إلى حقيقة واقعية.

بعض النقاط الهامة التي تدعم وصولك إلى النجاح:
- لا تجعل نفسك أسيرًا لخبرات الفشل السابقة، بل لا بد من التعرف على الأسباب المسؤولة عنه وفهمها جيدًا، ومعالجة جوانب القصور، وتلاشي الأخطاء التي تم الوقوع فيها في المرات القادمة.

- لا تخالط الأشخاص الذين تغلب عليهم النظرة التشاؤمية للحياة والذين يعيشون في إطار المشكلات، ولا يرون سوى العقبات فما لديهم من إحساس بالفشل وخيبة أمل سينتقل إليك.

- ارجع بذاكرتك إلى الماضي وقم بحصر الإنجازات السابقة التي حققتها، ولا تقلل من قيمة إنجازاتك، فمن المفترض أن الاعتزاز بما حققت من نجاح سوف يضيف إليك الكثير من المشاعر الإيجابية ويعطيك الثقة بالنفس.

- ضع أهدافًا تتناسب مع قدراتك وما لديك من مقومات لتحقيق هذه الأهداف، فليس من المنطقي أن تضع هدفًا ليس في مقدورك بلوغه.

- تمتع بأوقاتك بعيدًا عن العمل فلا بد أن يكون هناك توازن بين مختلف جوانب الحياة التي تعيشها.

- لا بد وأن تكون القناعة هي مفتاح حياتك، فالوصول للكمال صعب.

- تدرج في النجاح حتى تتذوق طعمه.

- ركز على الوقت المتاح لك والأموال التي توجد بحوزتك وابتعد عن من يشتت أفكارك.

- لا تخشَ الابتكار والإبداع، لابد أن تكون مختلفًا لتكون ناجحًا.
وأخيرًا علينا بالإيمان أولًا وأخيرًا بالقضاء والقدر، وما يرتبط به من أمور غيبية لا يعرفها إلا الله عز وجل فقد يكون فيما نعتبره فشلاً خير كثير لنا ، وقد يكون فيما نعتقده خيرًا لنا شر كبير، وصدق الله عز وجل الذي يقول: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: من الآية 216].
والحمد لله رب العالمين.
_______________________________________________
اسم الكاتب: هدى محمد نبيه

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣