عنوان الفتوى : عقوبة من جار على حق إحدى زوجتيه
تزوجت من رجل متزوج، بعد أن أكد لي أن لديه الإمكانية المادية أن يدير أسرتين، وأنه لن يقصر لدى الطرفين؛ إلا أنه بعد الزواج بأيام بدأ يتملص من مسؤولية الزواج مني، والإنفاق علي واهتمامه بالبيت الأول فقط، حتى أنه يتركني أياما للمبيت وحدي، مع العلم أنني أسكن في بغداد وتعلمون الظروف الأمنية الصعبة لأن يبقى رجل لوحده ليست امرأة، مع ذلك بعد فترة أخرجني من داري المستأجر، ثم طلقني بغير ذنب، والله يشهد بذلك. أريد أن أعرف ما عقوبة من يفعل ذلك في الدنيا والآخرة، خصوصا أنني بنت في الثلاثين من عمري وعمله هذا أضاع علي فرص الزواج، وإضافه إلى تدمير نفسيتي بالمعاملة القاسية التي كان يعاملني بها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أساء هذا الزوج وظلم عندما ترك الإنفاق عليك، ولم يلتزم العدل بينك وبين زوجته الأولى، فإن العدل بين الزوجات خصوصا في القسم والمبيت فرض متحتم لا يسع الرجل تركه بحال، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 31514.
مع التنبيه على أن هذه النفقة عن الأيام السابقة حق ثابت في ذمته يجوز لك المطالبة بها حتى بعد الطلاق، وقد بينا في الفتوى رقم: 33898، أن النفقة دين ثابت في ذمة الزوج ما لم تتنازل عنها الزوجة.
أما عقوبة من يترك العدل بين زوجتيه في الآخرة فهي ما أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
قال العيني رحمه الله: وشقه مائل والجزاء من جنس العمل، ولما لم يعدل أو حاد عن الحق كان عذابه بأن يجيء يوم القيامة على رؤوس الأشهاد وأحد شقيه مائل. انتهى كلامه بتصرف.
وأما العقوبة الدنيوية لمن جار على حق زوجته وضيع حقها في النفقة والقسم فهي عقوبة الظالم الباغي، ولا يخفى ما جاء من الوعيد الشديد لأهل البغي والظلم والقطيعة في الدنيا قبل الآخرة، ففي الحديث الذي رواه البيهقي وصححه الألباني: ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم، و ليس شيء أعجل عقابا من البغي وقطيعة الرحم، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع. والبغي هو الظلم. جاء في تحفة الأحوذي: من البغي أي بغي الباغي وهو الظلم. انتهى. وجاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس: والبغي: الظلم.
والله أعلم.