أرشيف المقالات

مقاصد سورة النساء

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
أسماء سور القرآن الكريم: معانيها ومغازيها (4)
سورة النساء


سورة النساء هي السورة الرابعة من سُوَرِ القرآن الكريم، وهي من السَّبع الطُّوال التي ورد في فضلها أحاديثُ عن النبي صلى الله عليه وسلم عظيمةٌ؛ فعن عائشةَ رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من أخذ السَّبعَ الأُوَلَ من القرآن، فهو حَبْرٌ))[1].
 
وورد في فضل هذه السورةِ خاصةً حديثٌ جليلٌ جميلٌ؛ فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "إن في النساء لخمسَ آياتٍ، ما يسرُّني بهنَّ الدنيا وما فيها، وقد علِمتُ أنَّ العلماء إذا مرُّوا بها يعرفونها: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31]، وقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40]، وقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 64]، وقوله: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]".
 
واسمها الأشهر: سورة النساء، به سُميت في المصحف، وفي كتب التفاسير، وكتب السُّنة، وقد وردت هذه التسمية على لسان النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ روى مسلم عن عمر رضي الله عنه قال: ما راجعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته فى الكَلالة، وما أغلَظَ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري، فقال: ((يا عمر، ألا تكفيك آيةُ الصَّيف التي في آخر سورة النساء؟!)).
 
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الصحابةُ هذا الاسم؛ ففي صحيح البخاري عن أمِّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها قالت: "ما نزلت سورة البقرة وسورة النساء، إلا وأنا عنده"[2]؛ تعني: النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وهل للسورة اسم آخرُ؟ الأرجح: لا.
 
لكن تشركها سورةُ الطلاق في التسمية عند بعض السلف؛ إذ يُطلقون على سورة الطلاق أيضًا سورة النساء، وللتمييز بينهما يقولون: "سورة النساء الطُّولى"، و"سورة النساء القُصْرى"، والتسمية الأخيرة صريحة في الثبوت عن ابن مسعود رضي الله عنه، والثانية تؤخذ من كلامه بمفهوم المخالفة.
 
أخرج البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "نزلت سورة النساء القُصْرى بعد الطُّولى ﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 4] "[3]، وبهذين الاسمين سمَّاها الفيروزابادي[4].
 
وما سرُّ تسمية السورة الكريمة بسورة النساء؟
ووجه تسميتها بإضافة إلى النساء أنها افتُتحت بأحكام صِلة الرحم، ثم بأحكام تخصُّ النساء، وأن فيها أحكامًا كثيرةً من أحكام النساء: الأزواج، والبنات، وخُتمت بأحكام تخصُّ النساء[5].
 
وهي من السور المدَنيَّةِ التي عُنيت بالتشريعات والأحكام، وفيها من أحكام النساء: (حماية الإناث - حقهن في الكسب وفي التملُّك - المهر - الميراث - المحرَّمات من النساء - أحكام زواجهنَّ - حقوق الزوجة - طريقة فضِّ النزاع والصلح بين الزوجة وزوجها...
وغير ذلك من الأحكام)
.
 
والسورة بعامة "تمثل جانبًا من الجهد الذي أنفقه الإسلام في بناء الجماعة المسلمة، وإنشاء المجتمع الإسلامي، وفي حماية تلك الجماعة، وصيانة هذا المجتمع"[6].
 
والنساء - اسم السورة الكريمة - لفظةٌ من الألفاظ الواردة في السورة.
ونستخلص من الاسم مع معاني السورة الكريمة أن اسم السُّورة يكون موافقًا لجانب عظيم من مقاصد السُّورة، وهو كذلك هنا.

[1] أخرجه أحمد (24575)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5979).

[2] أخرجه البخاري (4993).

[3] أخرجه البخاري (4626).

[4] بصائر ذوي التمييز (1 /169).

[5] التحرير والتنوير (4/ 211).

[6] في ظلال القرآن (2/ 104).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣