عنوان الفتوى : مطالبة الوالد بالنفقة بالمعروف، ليس من العقوق
يا شيخ أنا أبلغ من العمر 33 سنة، ولم أتزوج، وعندي التزامات عائلية كثيرة، راتبي بحدود 6000 ولدي قرض سوف تعلم لماذا أخذته في سياق الموضوع : إن أبي طلق أمي منذ سبع سنوات، وسكنت أمي وإخوتي معي في البيت، أبي يدفع الجزء الأعظم من الإيجار، ويدفع مصروفا شهريا يقدر بـ 5000 ريال بعد أن تدخل أناس بيننا، وجعلوه يدفع هذا المبلغ. هذا مبلغ ممتاز ولله الحمد، ولكنه منهم بمستواه المادي يدفعون أكثر من ذلك . أبي يملك الخير الكثير، لديه عقارات في المدينة المنورة ومنطقة مكة المكرمة ومنطقة الرياض وخارج المملكة. أبي مزواج يتزوج كثيرا، ولا تستمر زيجاته كثيرا. مع أنه يدعي أنه ملتزم، وله لحيه كثيفة، ويساعد بعمل الخير، ولكن هذا الشيء لا نراه مع أبنائه . أنا أصرف على البيت بشكل كبير حيث إن راتبي يذهب جله في مصروف البيت والتزامات والدتي وإخوتي. والدتي مصابة بمرض السكر والضغط، وعانت الكثير عندما عاشت معه، خدمت أباه وأمه وهي ساكتة ولم تقل شيئا، مع أنه يستطيع أن يأتي بعشرات الخدم، ولكن لم يكن جزاء الإحسان إلا الإساءة، حيث كان سليط اللسان عليها، وبخيل إلى أبعد الحدود معها، وأذلها كثيرا، وتكلم عنها عند ناس كثيرين، ووصفها بالجنوب لكي لا يلومه الناس بطلاقها . أنا دفعت الكثير ولله الحمد، وتحملت الكثير من الضغط النفسي والمالي، ولكن الحمد لله مع أنه يستطيع أن يوفر الكثير، وأستغل رواتبي في تطوير ذاتي . مصاريف الأعياد والمناسبات والمستشفيات والطلبات الأخرى أنا الذي أدفعها، وعشنا السنتين الماضيتين ضغطا ماليا كبيرا- أثر علي نفسيا وعصبيا بسبب الغلاء وطلبات الإخوة مع أنه ليست لهم طلبات كثيرة - سبب لي مشاكل مع إخوتي كثيرة، ويصفني أنني لست سويا، ودائما يصفني بالنقصان أمامهم. وهذا الشيء سبب لي مشاكل كثيرة مع إخواني الشباب وعدم الثقة. وفعلا نفس الشيء مع البنات ولكنهن كن أعقل بكثير . أنا قبل شهر أخذت قرضا من البنك، واشتريت سيارة لكي آتي بسائق لهم لكي يستطعن (البنات) بالذهاب إلى الجامعات، لأن واحدة من البنات تحضر الماجستير، والثانية في الجامعة، والثالثة مدرسة بمدرسة أهلي. أما الرابعة أنا من أوصلها لثانوي وأرجعها للبيت. لأن الشباب إذا أوصلوا البنات تأخروا عن جامعاتهم . لكن عندنا علم أني سوف آتي بسائق رفض، وقال سوف آخذ البنات مع العلم ( أنه كان يوجد لديهم سائق قبل أن يسكن عندي، وكانوا يذهبون ويأتون معه لوحده وهو عالم بذلك ولكنه أنكر) أنا يا شيخ تعبت كثيرا، ولا أريد أن تصل القضية للمحكمة، ولا أريد أن يأخذ أخواتي البنات عنده، لأنهن سوف يتعبن نفسيا، ولا يستطعن إكمال الدراسة، ولأنني معيشهم عيشة أفضل من يوم كانوا عنده، لأنه بفترة من الفترات يغسلون رؤوسهن بصابون التايد . والأهم من ذاك والدتي التي عانت كثيرا منه، لا أريدها أن تحرم من بناتها آخر عمرها، ولا أستطيع أن أستغني عن السائق؛ لأن هذا سوف يؤثر على حضوري وانصرافي في العمل. ولو لم يكن لدهم سابقا سائق لم أكن آتي به . أخبرني أحد الأصدقاء أنه تستطيع والدتي أن ترفع دعوى عليه بالمحاكم، وأخذ حقها المادي منه، وعندما أخبرتها بذلك قالت أريد حقي من الله لا أريده منه. سؤالي : هل يستطع أبي أن يأخذ أخواتي مع العلم أن أصغر واحدة منهن عمرها 16 سنة، وهي في ثاني ثانوي، والبقية 20 و 24 و 28 أما الإخوة فهم 24 و 18. مع أنهن سوف يتعبن نفسيا كثيرا لبعدهن عن أمهن وللحياة التي سوف يعشنها معه؛ لأنه قاس ولا يكسهم بالوجه الحسن؛ لأنه أتت أيام يعطيهم في السنة كسوة كل واحده مائة ريال. وهل إذا طالبته بالمحكمة أن يشتري لنا بيتا، وأن يزيد المصروف، ويعطهم عيدية وكسوة سنوية أكون بذلك عاقا له ؟ سيدي أنا في حيرة كبيرة من أمري بين تهديده وبين خوفي أن تذهب أخواتي إلى أبي وهو ساكن خارج الرياض، وهو كثير السفر بحجة فعل الخير. أتمنى أن أجد إجابة شافيه لديكم، وإذا أحببتم أن نتواصل وأطرح عليكم الموضوع وجها لوجه أكون من الشاكرين؟ وتقبلوا خالص شكري واحترامي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأبناء الذكور البالغون لا حضانة لهم، أما البنات البالغات فالجمهور على تخييرهم في من يقيمون عنده، والحنابلة يرون أن الأب أولى بهم، وعلى كل حال فإن الأمر إذا عرض على القاضي فإن رأيه يرفع الخلاف، وانظر الفتوى رقم: 101820.
والبنات إذا لم يكن لهن مال فنفقتهن على أبيهن، وكذلك الأبناء إذا كانوا غير قادرين على الكسب، وانظر الفتوى رقم: 25339.
والنفقة الواجبة هي النفقة بالمعروف، وكذلك المسكن، فيجب على الأب قدر الكفاية بالمعروف اعتباراً بحاله، وانظر الفتوى رقم: 46090.
وإذا طالبت والدك بقدر الكفاية بالمعروف، فليس ذلك من العقوق، مع التنبيه على وجوب بره والإحسان إليه، والحذر من التقصير في حقه أو الإساءة إليه مهما كان الحال.
وننبه السائل إلى أن القرض الذي اقترضه إذا كان يرد بزيادة مشروطة في العقد، فهو ربا وهو من أكبر الكبائر، ومن السبع الموبقات، ويجب عليك التوبة من ذلك، وانظر الفتوى رقم: 16659.
كما ننبه إلى أن ركوب البنت مع السائق بمفردها لا يجوز، وهو يعد خلوة، كما سبق في الفتوى رقم: 1079.
والخلاصة أن نفقة من يحتاج إلى النفقة من أخواته وإخوانه لصغره مع فقره أو لعجزه عن التكسب واجبة على الوالد الغني بالمعروف، وإذا امتنع من أدائها فلهم أن يرفعوا القضية هذه لدى المحكمة، وتراجع الفتوى رقم: 43086.
أما حضانة البنات فيحتاج إلى الرفع إلى القاضي إذا طلبها الأب، وامتنعت أمهن من ذلك لأنها من مسائل الخلاف التي لا يرفع النزاع فيها إلا القاضي.
ونوصي السائل بالمبادرة إلى الزواج امتثالاً لوصية النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.