عنوان الفتوى : نظام الإيجار القديم في منظار الشرع
بسم الله الرحمن الرحيم أنا شاب فى التاسعة والثلاثين من العمر متزوج ولى من الأبناء اثنان أعيش مع زوجتي وأبنائي فى شقة إيجار لمدة ستين عاماً، عند بدء التعاقد على إيجار الشقة كان محتما سداد مقدم إيجار بقيمة خمسة وعشرين ألف جنيه مصري إلى صاحب المنزل وبالفعل تم سداد ذلك المبلغ وقد ساهمت زوجتي بنصفه (12500 جنيها)، وذلك لتعذر الحال وقتها بعد إتمام باقي نفقات الزواج، بعد ذلك طلبت مني زوجتي أن أغير عقد الإيجار باسمها حفاظا على حقها في ما ساهمت به في مقدم الإيجار وقد تم ذلك بالفعل لكي أرضيها ولا أجعل في نفسها أي خوف أو قلق، وبالتالي أصبح عقد إيجار الشقة باسمها مما يترتب عليه طبقا للقانون المدني أن أترك لها الشقة في حالة الطلاق والانفصال لا قدر الله... يعيش والدي بمفردهما بعد أن تزوجت أنا وسائر أخواتي فى شقة بمنطقة أرقى بكثير من التي أسكن بها وهي شقة بنظام الإيجار القديم وهو عبارة عن 13 جنيه لا غير وهو طبعا مبلغ زهيد جداً بالنسبة لقيمة هذه الشقة التي قد تتجاوز النصف مليون جنيه اليوم نظراً لموقعها ومساحتها ولكن هذا هو الإيجار الذي استأجرت به الشقة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وطبقا للقانون المدني والذي ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر بشأن العقارات فإنه يجيز لورثة المستأجر من أبنائه أو زوجته أن يستمروا فى الإقامة بالشقة وينتقل عقد الإيجار إليهم رغما عن المالك إذا ثبت أنه كان يقيم مع المستأجر الأصلي قبل وفاته بعام على الأقل وأنه لا يمتلك أي مسكن آخر يأوي إليه. ولذلك فأني أفكر مليا أن أقوم أنا وأسرتي بالانتقال إلى مسكن والدي في حال وفاة أحد والدي لسببين: أولهما: أن أقوم برعاية من يتبقى منهما على قيد الحياة وخاصة أنهما قد تجاوزا السبعين من العمر (أطال لي الله فى عمرهما)، أما السبب الآخر: وهو موضوع سؤالي هو الحفاظ على الشقة من صاحب المنزل الذي سوف يقوم بإستردادها في حالة وفاة والدي دون إقامتي معهما، سؤالي هو هل يحق لي أن أقدم على هذا الفعل بغرض أن ينتقل عقد الإيجار إلي بنفس القيمة الزهيدة رغما عن المالك طبقا لما يمليه القانون، وهل هذا القانون من الإسلام في شيء بأن أرث شيئا مستأجرا وليس بمملوك، وهل إن قمت بهذا بالفعل أكون قد اغتصبت حقاً للمالك مستندا على قانون موضوع من فعل البشر، علما بأنني أمتلك شقة صغيرة ولكن تقع خارج كردون المدينة بحوالي خمسة وعشرين كيلو مترا في منطقة نائية جداً يصعب الإقامة بها بشكل كبير لندرة الخدمات بها وكذلك احتياجها إلى سيارة لعدم انتظام المواصلات منها وإليها، فـأرجو الإفادة من سيادتكم في أقرب وقت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يسمى بنظام الإيجار القديم من العقود الباطلة شرعاً، فالواجب في عقد الإجارة بيان المدة، قال ابن قدامة في المغني: الإجارة إذا وقعت على مدة يجب أن تكون معلومة كشهر وسنة، ولا خلاف في هذا نعلمه، لأن المدة هي الضابطة للمعقود عليه، المعرفة له فوجب أن تكون معلومة. انتهى.
ومن أهل العلم من يرى صحة العقد مشاهرة، أي أن لكل شهر كذاً... دون تحديد مدة، وفي هذه الحالة يحق لكل من المتعاقدين فسخ الإجارة متى أراد.. فالقانون المذكور لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، وما كان من العقود خالياً من بيان المدة ولم يكن مشاهرة وجب فسخه، ورد العين المستأجرة إلى المالك ودفع أجرة المثل خلال مدة استخدامها إلا إذا تنازل عنها المالك، فلا يجوز لك أن تقيم مع والدك في الشقة المذكورة بل يجب على والدك رد هذه الشقة إلى مالكها، وعليك الاجتهاد في بر والديك بما تقدر عليه وبما لا يخالف الشرع.
علماً بأن إجارة الدور المحددة بزمن معين لا تنتهي بموت المستأجر قبل انتهاء المدة المذكورة على المذهب الراجح وهو مذهب جمهور العلماء، وإنما تظل باقية يرثها ورثته من بعده، وذلك لأن المنفعة مال وقد ملكها المستأجر بالعقد فتورث عنه إذا مات، وذهب الحنفية إلى أن الإجارة تنتهي بموت المستأجر، وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43041، 43972، 58077، 103971.
والله أعلم.