عنوان الفتوى : نفقة الزوجة والسكن والمعاشرة بالمعروف من أوجب الواجبات على الزوج
أنا معلقة 24 سنة لزوج في مثل سني تعرف عليّ في الجامعة ولأنه كان ملتزما على دين وخلق وأول دفعته فلم يكلمني مرة واحدة وظل يحبني على حد تعبيره حتى وافق والده على خطبته لي, حين جاء والده لخطبتي ولأن والدي متوفيان ادعى أنه سيقوم على جميع شؤوني وأنه سيجهزني من الألف للياء وخصوصا أنه ميسور جدا, واستمرت الخطبة مدة سنة بسبب سفر والده ولأننا مازلنا في السنة الأخيرة من الدراسة,بدأ خطيبي في هذه الأيام ملاك بريء ورغم أني لم أحبه ورغم دمامة شكله إلا أنني قلت لنفسي يكفيني دينه وخلقه. وجاء موعد عقد القران وعند كتابة المؤخر رفض والده بشدة متعللا بأن المؤخر حرام وصنع من المشاكل ما لا يوصف ولم يسلم أحد من إهانته ولم يرض بكتابة المؤخر إلا بعد أن قلت لهم إني متنازلة عنه لأن عمي لم يكن ليوافق بدون مؤخر. وحتى لا أختار شبكتي ولا نحدد سعرا لها كما هو العرف عندنا اشتراها والده من البلد العربي التي كان بها بسعر زهيد جدا وقدمها لي على أنها هدية ابنه لي والشبكة والمهر, لسذاجتي وعدم خبرتي وحيائي لم أستطع أن أعلق عليها وسكت . جاء موعد تحديد الفرح وصمم والده أن يكون الفرح في فترة إجازته وقبل أن يسافر ويترك ابنه وحيدا كعادته وحتى يجد ابنه من يخدمه . ولكني لم أكمل جهازي بعد_ ولأن كلام والده وعود بلا تنفيذ وهذا ما عرفته عنه بعد ذلك أنه لا يوف بوعد أبدا_ طلبنا منهم أن يمهلونا حتى نكمل الجهاز أو أن يساعدونا فيه كما وعدو فقبل والده على مضض ليأتي بعد الزواج هو وابنه ويعايروني بهذا. تم الزفاف ومن بعده تغيرت معاملة والده لي فكان يعاملني بقرف وكلما جاء لزيارتنا وبعدها يختلق لي زوجي أي شيء ويقيم عليه مشكلة وبدأ هذا من الأسبوع الأول للزواج وما يكون مني إلا البكاء والاعتذار حتى ولو لم أكن مخطئة وكان هذا يشعر زوجي برجولته فيزيد, كان يقنعني أنني أنا دائما المخطئة وأنني لا أجيد التصرف في شيء أبدا وكنت أصدقه حتى فقدت الثقة في نفسي تماما. وكان والده يريده أن يكمل دراسات عليا فكان والده يجعله يرفض أي عمل يأتي لزوجي متعللا بأنه سينشغل عن الدراسة وأنه متكفل بمصاريفنا ولكنه كان بخيلا جدا وكان ما يعطيه لنا لا يكفي فكان إخوتي يتكفلون بنا ويظن حمايا أن خيره( مغرقنا) وظل زوجي معي في البيت أول سنة زواج وحملت بابني ولك أن تتخيل زوج كهذا يقيم معي بالمنزل 24 ساعة كانت المشاكل لا تعد ولا تحصى حتى صلاة الجماعة تركها وكان يسهر طوال الليل أمام ألعاب الكمبيوتر وبرامج التليفزيون وعندما أنام أنا يشاهد قنوات العري (رأيته كما أنه اعترف لي) وينام طوال النهار حتى أنه كان يضيع الصلاة وعندما كنت أنصحه يتشاجر معي ويعتبرها إهانة لا تغتفر و بدأت حالتي النفسية تسوء يوما بعد يوم ولا أتوقف عن البكاء أبدا مما ترك أثره على حالتي الصحية وعلى حملي فقضيت ال9شهور في مرض شديد وكنت ممنوعة من الحركة من قبل الأطباء إلى أن يسر الله لي ووضعت حملي في نفس توقيت إجازة والد زوجي ولم تنته المشاكل بل وزادت في وجود حمايا وأنا لا أعرف لها سببا فأنا وربي يشهد علي لم أسئ لأحد من أهل زوجي أبدا. وكان زوجي يمضي اليوم كاملا عند والده وأحيانا يبيت الليل أيضا ويتركني بدون أي شيء في حملي ولا يكفيه هذا بل يأتي ليتشاجر معي على أتفه الأسباب كالعادة. إلى أن جاء زوجي ذات مرة يقول إنه تشاجر مع والده بسببي لأن والده ووالدته دائما العيب فيّ ودائما ما يحرضاه علي وهما يكرهاني وهو لا يعرف السبب و مشاجراته معي بتحريض منهما وكانا يصران عليه أن يطلقني, طلبت من زوجي أن نذهب ونصالحهما وبالفعل شجعت زوجي على ذلك حتى لا يخسر والديه بسببي فابتهج زوجي كثيرا من تصرفي وأشعرني كم هو ممتن لي, ومكثنا فترة ليست بالطويلة في هدوء فقد توقف زوجي عن اختلاق المشاكل وما لبث هذا أن زال بتأثير والده الأقوى والأسرع وكل شيء رجع لحاله القديم بل وأسوء عندما شعر والده بهذا الهدوء أمر ابنه أن نترك منزلنا وننتقل للعيش في نفس الشقة التي يسكنها والديه لخدمة أخيه(في ثانوية عامة ووالداه تركاه وسافرا) حتى يتم بناء شقة خاصة بنا وكان هذا منافيا لما تم الاتفاق عليه مع أهلي عند الخطبة بان يكون لنا سكن منفصل بالإيجار حتى يتم بناء الشقة ولما طرحوا فكرة السكن معهم رفض أهلي بشدة. رفضت الانتقال إلى هناك وبدأت بيننا المشاكل من جديد (وكان يعايرني ووالده بوفاة والداي) ولكن هذه المرة كنت أرد عليه ولا أخنع للبكاء فاكتشفت فيه خصلة جديدة وهي الكذب فبدأ يحكي للناس أني أنا السيئة وعندما كنت أساله لماذا.. كان يرد( علشان منظري أمام الناس) كان يحافظ على مظهره أمام الناس على حسابي أنا ونجح بالفعل في إقناع الناس بذلك هو ووالده. وانتقلنا للعيش مع أخيه في نفس الشقة يفرق بيننا وبينه قطعة أثاث ولم أشتك أو أتضجر مرة واستحضرت دائما أمام عيني نيتي ولم يتوقف زوجي أيضا عن اختلاق المشاكل وهذه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحياة الزوجية تقوم أساساً على المودة والرحمة، والتغاضي عن الهفوات التي يتوقع صدروها من الطرفين دون إخلال بمقاصد الحياة الزوجية أو قواعد الشريعة الإسلامية، وإن بين الزوجين حقوقاً مترتبة على الميثاق الغليظ الذي هو عقد النكاح، يجب على كل من الزوجين الوفاء بها، والعمل على توفيتها لأن كل واحدٍ منهما مسئول عنها يوم القيامة، وقد أخطأ والد زوجك عندما قام بإهانتك وانتقاصك, وكان على زوجك أن يكف عنك أذى والده ويمنعه بالرفق واللين من إهانتك والإساءة إليك, لا أن يعينه على ذلك ويوافقه, فهذا ينافي العشرة بالمعروف التي أمر الله تعالى بها.
أما بالنسبة للنفقة عليك وعلى البيت فهذا من أوجب الواجبات على الزوج, ولا يجوز له أن يقصر في شيء من ذلك, فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
وأما بالنسبة لمقدار هذه النفقة فإنها على الراجح تقدر بحال الزوجين, قال ابن قدامة رحمه الله: قال أصحابنا: ونفقتها معتبرة بحال الزوجين جميعا؛ فإن كانا موسرين، فعليه لها نفقة الموسرين، وإن كانا معسرين، فعليه نفقة المعسرين، وإن كانا متوسطين، فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا، والآخر معسرا، فعليه نفقة المتوسطين، أيهما كان الموسر. انتهى .
فلا يجوز للزوج أن يقتر على زوجته، ولا أن يمنعها ما وجب لها من النفقة، فيضطرها إلى أن تلجأ إلى أهلها أو غيرهم في ذلك, فإن فعل فإن لها أن تطالبه بحقها في النفقة, فإن لم يستجب وقدرت له على مال أخذت منه ما يكفيها بالمعروف, قال ابن قدامة: مسألة: قال: فإن منعها ما يجب لها ، أو بعضه ، وقدرت له على مال ، أخذت منه مقدار حاجتها بالمعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهند حين قالت: إن أبا سفيان رجل شحيح ، وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي. فقال : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.انتهى.
أما بالنسبة لما يفعله زوجك من بعض المعاصي والمخالفات كالتهاون في صلاة الجماعة, ومشاهدة الأفلام الإباحية, وغير ذلك فعليك بنصحه في ذلك باللين والحكمة, وبالتصريح تارة والتلميح تارة أخرى دون أن تظهري وصاية منك عليه ولا مراقبة وترصدا لتصرفاته, لأن ذلك مما يصده عن قبول النصيحة والانتفاع بها.
وأما بالنسبة لما يطالبونك به من خدمة أخيه، فإن هذا لا يجب عليك، بل ولا يجب عليك خدمة أبيه ولا أمه، ولكن إن فعلت ذلك متبرعة وطابت نفسك به فستؤجرين على ذلك بإذن الله.
وكذا لا يجوز لزوجك أن يجبرك على السكن مع أخيه ولا مع غيره كأمه وأبيه، لأن الشريعة المباركة قد كفلت للمرأة على زوجها حق السكن المستقل, قال خليل بن إسحاق: ولها الامتناع من أن تسكن مع أقاربه. قال شارحه عليه: لتضررها باطلاعهم على أحوالها وما تريد ستره عنهم وإن لم يثبت إضرارهم بها.
فإن استقام زوجك على أمر الله ووفاك حقوقك فاحمدي ربك على ذلك، وإن كانت الأخرى وحصل لك من ذلك ضرر فيمكنك حينئذ طلب الطلاق.
وللفائدة تراجع الفتاوى الآتية أرقامها: 31818، 68642، 112460، 112804، 114219.
والله أعلم.