عنوان الفتوى : الاختلافات الزوجية.. حلول مقترحة لحلها
زوجتي تعمل ممرضة ووافقت على سفرها للعمل بوزارة الصحة بالسعودية ومضت عشر سنوات على عملها بالسعودية وفي تلك السنوات صبرت على بعدها عني وعلى حقوقي الزوجية ولأني أخاف الله حافظت على كل قرش وقمت ببناء بيت لنا وقد ساهمت في بناء هذا المنزل بعرقي ووقتي ومجهودي ولم يكن يعينني أحد إلا الله عز وجل وصبرت على بعدها عني حتى يتسنى لنا توفير منزل محترم لنا ولأولادنا مع العلم أن لي ابنتين إحداهما معي وأقوم على خدمتها ورعايتها وهي الآن في الصف الأول الإعدادي والأخرى مع أمها لأنها مولودة بالسعودية وطالبت زوجتي بالعودة وأننا نحتاج لها وأن ابنتنا تحتاجها لأنها في مرحلة البلوغ ويجب لم شمل الأسرة فأقنعتني بالسفر لمدة عام آخر لتشطيب البيت وبعد سفرها بشهر اتصلت بى وقالت يجب أن تكتب البيت باسمى لأن هذا البيت من غربتي وتعبي ومالي فقلت لها إننى تعبت أيضا في بنائه وصبرت على بعدها عنى طول هذه الفترة وتنازلت عن حقوقي الزوجية في سبيل توفير حياة كريمة لأسرتنا وقمت بعملها في البيت وكم مرضت خلال هذه السنوات وكنت في أمس الحاجة لرعايتها وإنني عانيت وضحيت كثيرا والآن هى تنسب الفضل لها وحدها وتريد المنزل لها هذا باختصار شديد فهل لي حق شرعي في هذا المنزل أرجو سرعة الرد والإفادة بارك الله لكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء لا يجوز للمرأة أن تسافر وليس معها محرم لها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها. والحديث في الصحيحين وغيرهما.
وإذا كان العلماء اختلفوا في جواز سفر المرأة مع الرفقة المأمونة لأداء فريضة الحج فلا شك أن سفرها بدون محرم لغير ذلك ممنوع شرعاً ما لم توجد ضرورة معتبرة شرعا, والظاهر أن هذه الحالة التي ذكرت لا ضرورة فيها بل ولا حاجة؛ لأن المطالب بالإنفاق على البيت هو الرجل لا المرأة.
وأما بالنسبة لراتب الزوجة ومالها الذي تتقاضاه من عملها فهو حق لها, وليس للزوج فيه إلا ما تبذله هي له بطيب نفس منها, لحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الدارقطني.
كما أن للزوجة ذمة مالية مستقلة، وتصرفاتها في مالها بيعاً وشراء وهبة صحيحة، ولا تحتاج إلى إذن من الزوج.
وأما حالتك التي تذكر فلا شك أن البيت ملك لها لأنه من خالص مالها أما ما قمت به من جهد في بناء هذه الدار فإن كنت قد تبرعت بذلك فلا شيء لك .
ولكن كان ينبغي – مع ذلك - وبمنطق المروءة والأخلاق, أن تقدر لك زوجتك هذه التضحية وهذا الصبر، ولكن للمال فتنته وللنساء ضعفهن، والذي ننصحك به الآن حيث لم تتفق معها على ذلك من البداية أن تأتمروا بينكم بمعروف، وأن تبين لها أن كسب قلب زوجها خير لها من كل عرض الدنيا وحطامها، ونرجو أن يشرح الله صدرها لذلك، وأن تراجع موقفها، فإن المؤمن إذا ذكرته تذكر، وإذا بصرته استبصر.
وأما إن كنت قد بذلت من الجهد ما بذلت وأنت تنتظر المقابل فالظاهر – والعلم عند الله – أن لك أجرة المثل فيمكن أن تدفع ذلك لك حسب ما يقدر الخبراء, أو أن تملكك من البيت بقدر جهدك كأن يكون لك منه الربع أو الثلث مثلا.
ونرفق لك قرار المجمع الفقهي حول الاختلافات الزوجية لعلك تجد فيه بعض البيان لموقفك من خلال اجتهاد جماعي مدروس اجتمع لإعداده نخبة من كبار علماء الشريعة ونسأل الله لكما التوفيق والسداد.
قرار مجمع الفقه الإسلامي حول الاختلافات الزوجية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد : فإن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي(دولة الإمارات العربية المتحدة)30 صفر-5 ربيع الأول 1426هـ، الموافق 9–14 نيسان(إبريل)2005م بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع اختلافات الزوج والزوجة الموظفة، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يلي:
أولاً: انفصال الذمة المالية بين الزوجين:
للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع بما تكسبه من عملها، ولها ثرواتها الخاصة، ولها حق التملك وحق التصرف بما تملك ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف بمالها.
ثانياً: النفقة الزوجية:
تستحق الزوجة النفقة الكاملة المقررة بالمعروف، وبحسب سعة الزوج وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعاً، ولا تسقط هذه النفقة إلا بالنشوز.
ثالثاً: عمل الزوجة خارج البيت:
1.من المسؤوليات الأساسية للزوجة رعاية الأسرة وتربية النشء والعناية بجيل المستقبل، ويحق لها عند الحاجة أن تمارس خارج البيت الأعمال التي تتناسب مع طبيعتها واختصاصها بمقتضى الأعراف المقبولة شرعاً مع طبيعتها واختصاصها بشرط الالتزام بالأحكام الدينية، والآداب الشرعية، ومراعاة مسؤوليتها الأساسية.
2.إن خروج الزوجة للعمل لا يسقط نفقتها الواجبة على الزوج المقررة شرعاً، وفق الضوابط الشرعية، ما لم يتحقق في ذلك الخروج معنى النشوز المُسقط للنفقة.
رابعاً: مشاركة الزوجة في نفقات الأسرة:
1.لا يجب على الزوجة شرعاً المشاركة في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء، ولا يجوز إلزامها بذلك.
2.تطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعاً لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين.
3.يجوز أن يتم تفاهم الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة.
4.إذا ترتب على خروج الزوجة للعمل نفقات إضافية تخصها فإنها تتحمل تلك النفقات.
خامساً: اشتراط العمل:
1.يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضى الزوج بذلك ألزم به، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة.
2.يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد.
3.لا يجوز شرعاً ربط الإذن (أو الاشتراط) للزوجة بالعمل خارج البيت مقابل الاشتراك في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء أو إعطائه جزءاً من راتبها وكسبها.
4.ليس للزوج أن يُجبر الزوجة على العمل خارج البيت.
سادساً: اشتراك الزوجة في التملّك:
إذا أسهمت الزوجة فعلياً من مالها أو كسب عملها في تملك مسكن أو عقار أو مشروع تجاري فإن لها الحق في الاشتراك في ملكية ذلك المسكن أو المشروع بنسبة المال الذي أسهمت به.
سابعاً: إساءة استعمال الحق في مجال العمل:
1.للزواج حقوق وواجبات متبادلة بين الزوجين، وهي محددة شرعاً وينبغي أن تقوم العلاقة بين الزوجين على العدل والتكافل والتناصر والتراحم، والخروج عليها تعدٍ محرم شرعاً.
2. لا يجوز للزوج أن يسيء استعمال الحق بمنع الزوجة من العمل أو مطالبتها بتركه إذا كان بقصد الإضرار، إلا إذا ترتب على ذلك مفسدة وضرر يربو على المصلحة المرتجاة منه.
3. ينطبق هذا على الزوجة إذا قصدت من البقاء في عملها الإضرار بالزوج أو الأسرة أو ترتب على عملها ضرر يربو على المصلحة المرتجاة منه. انتهى.
والله أعلم.