عنوان الفتوى : الصـائم إذا دعي إلى طعام
إذا صمت تطوعا ودعيت إلى وليمة هل أفطر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن دعي إلى طعام وكان صائماً صوماً غير واجب فالأفضل له أن يفعل ما يراه أصلح من إتمام الصوم مع الامتناع عن إجابة الدعوة، أو إتمام الصوم مع حضور الوليمة والمشاركة بالدعاء لأهلها، أو إجابة الدعوة وقطع الصوم بالأكل معهم.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائماً فليصل، وإن كان مفطراً فليطعم" رواه مسلم، ومعنى فليصل: فليدع لأهل الطعام بالبركة.
وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن عمر "كان إذا دعي إلى طعام وهو صائم أجاب، فإذا جاءوا بالمائدة وعليها الطعام مد يده ثم قال: خذوا باسم الله، فإذا هوى القوم كف يده."
وأخرج أيضاً عن خرشة بن الحُرِّ قال: كنا عند ابن عمر فأتى بطعام فقال للقوم: اطعموا، فكلهم يقول إني صائم فعزم عليهم أن يفطروا فأفطروا.
وأخرج أيضاً عن أبي هريرة أنه قال: إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل: أنا صائم.
فعلم من جملة ما تقدم أن من دعي إلى طعام وهو صائم صياماً غير واجب فليفعل الأصلح من الخيارات الثلاثة.
قال ابن تيمية: (وأعدل الأقوال أنه إذا حضر الوليمة وهو صائم: إن كان ينكسر قلب الداعي بترك الأكل، فالأكل أفضل، وإن لم ينكسر قلبه، فإتمام الصوم أفضل، ولا ينبغي لصاحب الدعوة الإلحاح في الطعام للمدعو إذا امتنع، فإن كلا الأمرين جائز، فإذا ألزمه بما لا يلزمه كان من نوع المسألة المنهي عنها، ولا ينبغي للمدعو إذا رأى أنه يترتب على امتناعه مفاسد أن يمتنع، فإن فطره جائز، فإن كان ترك الجائز مستلزماً لأمور محذورة ينبغي أن يفعل ذلك الجائز، وربما يصير واجباً، وإن كان في إجابة الداعي مصلحة الإجابة فقط، وفيها مفسدة الشبهة، فالمنع أرجح.) ا.هـ
وعلى كلٍ، فإن من أفطر وهو صائم صوم تطوع لم يلزمه قضاء ذلك اليوم لقوله صلى الله عليه وسلم: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر" رواه أحمد والترمذي، ولحديث عائشة أنها قالت: "يا رسول الله أهدي إلينا حيس فقال أدنيه فقد أصبحت صائماً فأكل" رواه مسلم. والله أعلم.