عنوان الفتوى : الغسل لمن دخل في الإسلام مستحب
هل يعتبر كافرا من لم يصل قط ركعتين بعد الغسل رغم أنه يؤمن بكل ما يقرره الإسلام منذ أن أصبح مسلماً؟إذا كان الشخص مسلماً غير أنه لم يكن يعرف أنه كان عليه أن يغتسل ثم يصلى ركعتين، كشرط لدخول الإسلام وقد مرعلى ذلك زمن طويل فهل هذا يعني أن أعماله إبان تلك الفترة لم تقبل عند الله رغم أن عدم اغتساله وعدم صلاته الركعتين كان عائداً إلى جهله وليس إلى تعنته؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيكفي لدخول الإسلام النطق بالشهادتين، واعتقادهما اعتقاداً جازماً، خالياً من الشكوك، وليس الغسل والركعتان بعده شرطاً لصحة الإسلام، وإن كان العلماء اختلفوا في الوجوب أو الاستحباب، والاستحباب هو الراجح، وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن أحمد اختارها جماعة من الحنابلة، قال في الإنصاف: (وهو أولى) ويدل على ذلك أن العدد الكبير، والجم الغفير أسلموا، فلو أمر كل من أسلم بالغسل لنقل نقلاً متواتراً، أو ظاهراً، وكذلك بعث معاذ إلى اليمن وقال: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله" ولو كان الغسل واجباً لأمرهم به، لأنه أول واجبات الإسلام، وبناء على هذا فإذا كان المقصود بالغسل وصلاة الركعتين هو ما أشرنا إليه في الفتوى فلا أثر لترك ذلك على الإسلام ولا على قبول الأعمال التي فعلها في داخل الإسلام ولم يغتسل وإنما المؤثر هو استكمال شروط العمل وانتفاء موانع قبوله.
ومما ينبغي معرفته أن الإيمان أصل له شعب متعددة، وكل شعبة تسمى إيمانا،ً فالصلاة من الإيمان، والزكاة من الإيمان، والحج، والصوم، والأعمال القلبية الباطنة كالحياء والتوكل، وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها كشعبة الشهاتين، ومنها ما لا يزول بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق، وبينهما شعب متفاوتة تفاوتاً عظيماً، ومنها ما يلحق بشعبة الشهادة ويكون إليها أقرب، فمن ترك السنن، والمستحبات، وبعض الواجبات، وفعل المكروهات، وبعض الكبائر، لا يخرج بذلك عن أصل الإيمان، ويكون عند ارتكاب الكبائر مؤمناً فاسقاً، والواجب على المسلم أن يرتقي بنفسه في مدارج الكمال، ومنازل الصالحين، حتى يكون إلى الله أقرب، وإلى جنته أرغب.
والله أعلم.