عنوان الفتوى : حكم أخذ المهندس نسبة مئوية من تكلفة بناء المشروع
قال أحد الشيوخ في درس إنه لا يجوز لمهندس أن يفرض نسبه مئوية من تكلفه البناء كأرباح له لأنه قد يكون في ذلك غبن للزبون و بيع جهالة حيث إن المهندس سيستخدم مواد عالية الجودة وغالية الثمن لا يحتاجها الزبون, لأجل أن تزداد أرباحه لأنه كلما زاد الإنفاق زادت الأرباح للمهندس، وعليه فإن على المهندس أن يتفق مع الزبون على مبلغ معين كأجرة على بناء المشروع قبل البدء به، وليس له أن يفرض نسبه مئوية من تكلفة المشروع، وأن ذلك حرام، ولكن يحتج المهندسون بأن بعض المشاريع قد تستغرق عشر سنوات أو أكثر وأن المبلغ الذي اتفق عليه في بداية المشروع سوف يصبح مبلغا زهيدا بعد مرور عشر سنوات أو أكثر، وعليه فهم يستخدمون نسبه الطريقة المئوية في الأرباح، وأنه لا يمكن أن يكون غبن في ذلك لأنه سوف يتم الاتفاق مع الزبون مسبقا على نوعية المواد كلها وأسعارها ضمن جداول التخمين لتكلفة المشروع، فهل المعاملة بالنسبة المئوية في هذه الصورة جائزة أم لا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان المقصود أن الزبون يتفق مع المهندس على أن يشيد المبنى بمواد من عنده فهذا العقد يعرف عند العلماء بعقد الاستصناع، وحكمه الجواز عند الحنفية إذا توفرت شروطه لديهم وهي:
1 – بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
2 – تحديد الأجل.
ويجوز فيه تأخير الثمن والمثمن معا خلافا للجمهور الذين يشترطون فيه شروط السلم, فلا بد عندهم من تعجيل رأس المال.
وقد صدر عن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار بجوازه وفقا لمذهب الأحناف جاء فيه: إن عقد الاستصناع – وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة – ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.
ثانياً: يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ- بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب- أن يحدد فيه الأجل.
ثالثاً: يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعاً: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
وبناء على ما ذكر من شروطه فإن المهندس لا يمكن أن يتصرف إلا وفق ما وصف له، فلا يجوز أن يستخدم موادا غير المتفق عليها، سواء كانت أعلى ثمنا أو أرخص مما هو متفق عليه.
وقد جاء في قرار للمجمع الفقهي بشأن عقد المقاولة: إذا أجرى المقاول تعديلات أو إضافات دون اتفاق عليها فلا يستحق عوضاًَ زائداً على المسمى، ولا يستحق عوضاً عن التعديلات أو الإضافات.
أما بخصوص الفتوى المذكورة فقد أقر المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي تحديد الربح عن طريق فرض نسبة مئوية من التكاليف بشرط أن تكون التكاليف معلومة علما تاما وليست مخفية كما جاء في السؤال, وذلك في قراره المتعلق بعقد المقاولة حيث جاء فيه: يجوز الاتفاق على تحديد الثمن بالطرق الآتية:
أ- الاتفاق على ثمن بمبلغ إجمالي على أساس وثائق العطاءات والمخططات والمواصفات المحددة بدقة.
ب- الاتفاق على تحديد الثمن على أساس وحدة قياسية يحدد فيها ثمن الوحدة والكمية وطبقاً للرسومات والتصميمات المتفق عليها.
ج- الاتفاق على تحديد الثمن على أساس سعر التكلفة الحقيقية، ونسبة ربح مئوية. ويلزم في هذه الحال أن يقدم المقاول بيانات وقوائم مالية دقيقة ومفصلة وبمواصفات محددة بالتكاليف يرفعها للجهة المحددة في العقد ويستحق حينئذ التكلفة بالإضافة للنسبة المتفق عليها. انتهى.
وهذا كما تقدم إذا كان المهندس يصنع هذا المبنى بمواد من عنده.
أما إذا كان المهندس لا يتولى إلا العمل والمواد يوفرها الزبون فالعقد عقد إجارة, و من شروط الإجارة أن تكون الأجرة معلومة محددة لأن الإجارة تأخذ حكم البيع والأجرة تأخذ حكم الثمن, ولا بد في الثمن من أن يكون معلوما لأن جهالته تؤدي إلى الغرر, وفي الحديث: نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. رواه أحمد.
وعلى هذا فإن كانت تكلفة المشروع معلومة فلا حرج أن تكون الأجرة نسبة محددة من تلك التكلفة لأن المطلوب هو العلم بالأجرة وقد حصل, وإما إن كانت التكلفة غير معلومة والأجرة نسبة منها لم يجز أن تكون الأجرة نسبة منها لحصول الجهالة, وقد يكون هذا هو الذي سمعتم من أنه لا يجوز.
ولتوضيح ذلك راجع الفتوى رقم: 73143.
وللمزيد راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11224، 52619، 65418.
والله أعلم.