عنوان الفتوى : العموم في آية: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ.. مخصص
هل يعتبر أهل الكتاب مشركين؟ وإن كانوا كذلك فلم لم يطبق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام عليهم أحكام الآية الخامسة من سورة التوبة؟
خلاصة الفتوى: أهل الكتاب يعتبرون من المشركين؛ ولكن لهم أحكام تخصهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كل من عبد غير الله تعالى أو أشرك معه غيره في العبادة يعتبر مشركا، ولذلك فإن أهل الكتاب يعتبرون مشركين لأنهم يعبدون مع الله تعالى غيره من الأنبياء والأحبار والرهبان.
كما قال تعالى في شأنهم: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ. {التوبة:31}.
وهم يختلفون عن المشركين من عبدة الأوثان والأصنام الذين ليس لهم كتاب سماوي، فقد أباح الإسلام مناكحتهم وأكل ذبائحهم وأخذ الجزية منهم.
والآية المشار إليها قال عنها أهل التفسير: إنها جاءت في سياق إعلان الحرب العامة على المشركين تطهيرا لأرض الجزيرة التي هي دار الإسلام وحوزته من بقايا الشرك والمشركين.
فقال تعالى لرسوله والمؤمنين: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ {التوبة:5}
قال ابن العربي في أحكام القران: هذا اللفظ وإن كان مختصا بكل كافر بالله وعابد للوثن في العرف، ولكنه عام في الحقيقة لكل من كفر بالله، أما أنه بحكم قوة اللفظ يرجع تناوله إلى مشركي العرب الذين كان العقد لهم وفي جنسهم، ويبقى الكلام فيمن كفر من أهل الكتاب غيرهم فيقتلون بوجود علة القتل وهي الإشراك فيهم، إلا أنه قد وقع البيان بالنص عليهم في هذه السورة. انتهى.
يعني بذلك قول الله تعالى: قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ. {التوبة:29}
فما جاء في الآية من قتال المشركين عام في كل مشرك، ولكن هذا العموم مخصص بقول الله تعالى في أهل الكتاب: حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ . {التوبة:29}
قال الشوكاني في فتح القدير: يخصص منها أهل الكتاب. انتهى.
وبالسنة في النهي عن قتال النساء والرهبان والأطفال.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 2924.