عنوان الفتوى : مسئلة في الوصية والميراث
اشتركت أنا وزوجي في ثمن شقة تمليك أنا بمبلغ 79.500 وزوجي بمبلغ 40.500 وقد أوصى أن الشقة من حق ابنتنا الوحيدة بعد وفاته وقد أعلم أقاربه بأن الشقة إيجار وليست تمليكا فهل آخذ نصيبي من ثمن الشقة وتقسيم الباقي على الورثة؟ وكيف سأخبرهم بأن الشقة تمليك؟ مع العلم بأنه من الأساس يوجد قطيعه من قبل الوفاة وكنا قد وضعنا مبلغا من المال في البنك مقسما بيني وبينه مكونا من مكافأة نهاية خدمتي وإرثي من أخى ومكافأة نهاية خدمته ووضعت الأموال جميعا باسم زوجي, وعند عمل إعلام وراثة لم يتم فصل حقي من المبلغ وتم تقسيم المبلغ كله على الورثة فما حكم الدين فيما حدث؟ هل أخفي عنهم موضوع الشقة وبذلك أعتبر أنني استرددت حقي في المبلغ الذي شاركوني فيه من البنك أم أفصل مالى من ثمن الشقة والباقي أعلمهم به؟ مع العلم أنهم لا يعلمون أن الشقة تمليك ويوجد قطيعة وإذا أبلغتهم سيتهمون زوجي رحمه الله بالكذب, ومن قبل عندما أرسلت لهم إعلام وراثة ليأخذوا حقوقهم اتهموني أنا وابنتي بالفجور والعياذ بالله وأريد أن أنهي كل تلك المواضيع قبل أن يتوفاني الله وتحدث مشاكل لابنتي من بعدي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالوصية لغير الوارث بالثلث فما دونه جائزة بالإجماع، ولا تفتقر إلى إجازة، وأما للوارث فجائزة، ولكنها موقوفة على إجازة الورثة، وقد روى الترمذي عن عمرو بن خارجة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته فسمعته يقول: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ولا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والإضرار في الوصية محرم شرعاً، كما قال الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ {النساء:12} ومن الإضرار فيها الوصية بأكثر من الثلث، والوصية لأحد الورثة بقصد حرمان الآخرين أو نقص أنصبائهم، فإن الله سبحانه وتعالى قد تولى قسمة التركات بنفسه ولم يكلها إلى نبي مرسل ولا ملك مقرب، وتصدق على صاحب المال بثلث ماله يضعه في وجوه البر والخير، فيجب على المسلم أن يلتزم بذلك ولا يتعدى حدود الله، قال تعالى: وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {النساء:14}.
وعلى هذا فالواجب عليك هو أن تبيني حقيقة الأمر لأقارب زوجك، وأن يأخذ كل وارث نصيبه طبقاً للقسمة الشرعية، وقد كان الأولى أن يكون نصيبك من الشقة والأموال مكتوباً باسمك حتى لا يدخل كل ذلك في التركة، فإن كان لك بينة بنصيبك من الشقة ومن المال أو أقر لك الورثة بذلك فلك أخذ نصيبك قبل تقسيم التركة، وإن لم يكن لك بينة وكان نصيب الورثة من الشقة يساوي قدر أموالك الموضوعة في البنك أو يقل عنها وتعذر عليك التوصل إلى حقك الشرعي في المال المودع جاز لك أخذ نصيب الورثة من الشقة مقابل نصيبك من الأموال الموجود في البنك، وهذه المسألة تعرف بمسألة الظفر، وفي جوازها خلاف بين العلماء. فإن من كان له حق عند آخر ولم يتمكن من استرجاعه منه إلا بأخذه منه خلسة دون علمه فيجوز له ذلك بشرط أن لا يأخذ إلا حقه دون زيادة.
وننبهك إلى أن إيداع الأموال يجوز في البنوك الإسلامية التي تتقيد بالضوابط الشرعية، ولا يجوز في البنوك الربوية، ويجب التخلص من الفوائد الربوية في مصالح المسلمين.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 1445، 6022، 8780، 9088، 26630، 28871، 66519.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.