عنوان الفتوى : معنى (الحنث) وأقسام اليمين
مرة من فترة سألت سؤالا وكان ردكم فيه الجملة التالية (أما من حلف تحقيقاً بأن أتى بصيغة اليمين المكفرة ثم حنث فإن الكفارة تلزمه بلا خلاف) فما معنى هذه الجملة وما معنى كلمة حنث بالتحديد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على الاستفادة والعلم، وأما معنى التحقيق في اليمين فهو الجزم بفعل أو ترك أمر في المستقبل دون تقييده باستثناء فيه.
ومعنى الحنث: هو إخلاف اليمين بفعل خلاف مضمونها، وسمي اليمين يميناً لأنهم كانوا في الجاهلية إذا تحالفوا أخذ كل واحدٍ بيد صاحبه اليمين، وقيل: لأن الحلف يتقوى بقسمه، كما أن اليد اليمنى أقوى من اليسرى.
وأما تعريف اليمين في الاصطلاح: فهو توكيد حكم بذكر اسم الله تعالى أو صفته، وما يلحق بذلك على وجه مخصوص.
ولمزيد فائدة نذكر أقسام اليمين باختصار، فنقول أقسامها ثلاثة:
الأول: اليمين المحققة (المنعقدة) وهي: أن يحلف على أمر في المستقبل أن يفعله أو لا يفعله، فإذا حنث وجبت عليه الكفارة، والحنث هو: فعل ما حلف ألا يفعله، أو ترك ما حلف أن يفعله.
الثاني: يمين اللغو، ولا تجب في هذا النوع كفارة، وفي تفسيرها أقوال:
1/ مذهب الحنابلة، وبه قال ابن تيمية وابن القيم وابن حزم: أنها ما جمعت أمرين: ما يجري على لسان المتكلم بلا قصد، واليمين التي يحلفها يظن صدق نفسه، فتبين الأمر في الواقع على غير ما كان يظن، وسواء كان في الماضي أو الحال أو المستقبل.
2/ مذهب الشافعية: أنها اليمين التي تجري على لسان المتكلم بلا قصد، سواء في ذلك الماضي أو الحال أو المستقبل.
3/ مذهب الحنفية والمالكية: أن يمين اللغو ما يحلفه بناء على ظنه، فيتبين بخلافه، كأن يقول: والله ما كلمت زيداً بناء على ظنه، فتبين الأمر بخلافه، وسواء في ذلك الماضي أو الحال عند الحنفية، وأما المستقبل ففيه الكفارة، وعند المالكية: إذا كانت في الحال أو المستقبل ففيها الكفارة.
4/ مذهب الشعبي ومسروق: أنها اليمين على فعل المعاصي.
5/ مذهب سعيد بن جبير: أنها اليمين التي يحرم بها الإنسان على نفسه ما أحله الله له.
والراجح - والله أعلم - هو القول الأول.
القسم الثالث: اليمين الغموس: وسميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم، وتعريفها عند جمهور العلماء أنها اليمين التي يحلفها على أمر ما كاذباً عالماً. وفي وجوب الكفارة في هذا النوع خلاف: فذهب جمهور العلماء إلى عدم وجوب الكفارة، وإنما عليه التوبة والاستغفار، وذهب الشافعي إلى وجوب الكفارة وهو رواية عن أحمد، وبه قال ابن حزم.
ولمزيد فائدة تراجع الفتوى رقم: 6644، والفتوى رقم: 7258.
والله أعلم.