عنوان الفتوى : الطعن في الصحابة وترويج الشبهات بضاعة المفلسين
نحن شباب مسلمون نعيش في إحدى الدول العربية الإسلامية ، إلا أن أحد زملائنا وهو ذو شهادة عليا بدأ يذكر لنا أمورا عن الدين ما أنزل الله بها من سلطان، حتى كاد أن يزيغ قلوبنا عن هذا الدين الحنيف الذي ارتضاه الله لنا، فمثلا هو يشكك بأبي هريرة رضي الله عنه و يصفه بأوصاف لا تليق به من حيث كثرة روايته للحديث ، و كذلك يصف كبار الصحابة بصفات يندى لها الجبين و الآن استغربت منه هذا الكلام علما أنه من أهل السنة و الجماعة أو هو محسوب عليهم، هذا ناهيك عن وصفه للفتوحات الإسلامية بالغزو العربي للبلدان غير العربية، ووصفه لزواج الرسول من عائشة رضوان الله عليها بالزواج المشين. و كذلك يقوم بتحكيم العقل في كل شيء حتى أنه يرفض رفضا قاطعا كل ما ينافي العقل حتى لو جاء في الصحيح من الأحاديث أو ورد في القرآن. باختصار قام بتشويه الدين والتاريخ الإسلامي، فسؤالي لكم سادتي هو كيف أتعامل مع هكذا أشخاص علما أنني حاورته كثيرا بالحكمة والموعظة الحسنة إلا أني لو سمعت هذا الكلام من غير المسلمين لكان لي رد فعل آخر، إلا أن هذا الرجل أرجو من الله أن يهديه للصراط المستقيم، لذا لست أدري ما أفعل، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى أنه ينشر هذه الأفكار المسمومة في المجتمع ولا وجود لرادع يردعه ولا حول ولا قوة إلا بالله .
خلاصة الفتوى:
لا يطعن في الصحابة ويروج للشبهات إلاَّ من غُمص في دينه وعقيدته، ورضي بأن يسلم عقله وفكره لأعداء الإسلام، معرضًا عن كلام الله وكلام رسوله وإجماع أئمة الإسلام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظكم من كل مكروه ويوفقكم لما يحبه ويرضاه..
ولتعلم أن كثيرا من الشباب أثر فيهم الغزو الفكري، وتأثروا بأفكار أساتذتهم من المستشرقين.. فحملهم للشهادات الجامعية وغيرها ليس دليلا على علمهم ؛ فربما تكون أعطيت لهم لأداء غرض من أغراض أساتذتهم، ومن هذه الأغراض ترويج بعض الأفكار التي هي من مفتريات أهل الزيغ والضلال والفساد.. التي يروج لها المستشرقون وتلاميذهم ويلقنوها لبعض الشباب المساكين الذين لم يحالفهم الحظ في أخذ العلم إلا على أيدي هؤلاء وأذنابهم؛ فهم يجهلون كل شيء عن الإسلام إلا ما جاءهم من أساتذتهم، فلم يأخذوا العلم من مصادره الصحيحة ولا من أهله الأمناء الصادقين ؛ فأصبحوا يجهلون حقيقة الإسلام ونبيه وحملته من الصحابة ومن بعدهم وتاريخهم، فلا يعرفون من ذلك إلا الشبهات التي يلقنها لهم الأسياد حتى يربوهم على أن يكونوا معاول لهدم الإسلام من داخله، ولن يتمكنوا من ذلك- بإذن الله تعالى- فقد تصدى لهم الجهابذة قديما وحديثا وردوا كيدهم في نحورهم، وممن رد مفتريات هؤلاء على أبي هريرة- رضي الله عنه- عجاج الخطيب في كتابه: راوية الإسلام أبوهريرة، والدكتور يوسف السباعي في كتابه: السنة ومكانتها في التشريع، وغيرهما، وقد سبقت الإشارة إلى شيء من رد هذه الشبهة في الفتوى: 38593.
ومن الشبه التي يثيرونها زواج النبي- صلى الله عليه وسلم- بعائشة- رضي الله عنها- ولم يدر هؤلاء الجهلة المغرضون أن عائشة في وقتها قد بلغت مبلغ النساء وكانت مخطوبة من رجل آخر، وأن فارق السن لا اعتبار له في الشرع ولا عند المجتمع القرشي أو العربي..في ذلك الوقت ولو كان فيه أدنى غضاضة لعابه أعداء الإسلام المتربصون من حوله، وبإمكانك أن تطلع على المزيد في الفتوى: 108347 .
وأما تحكيم العقل فيما ليس له فيه مجال ورفض نصوص الوحي على ذلك الأساس؛ فخطأ بالغ وغلط بين ؛ لأن العقل خلقه الله تعالى ليُتعقل به الوحي ويعرف به، فكيف يسوغ أن يُرفع من شأنه حتى يكون حاكما عليه؟ ولا يمكن أن يتعارض شيء من نصوص الوحي الصريحة مع شيء من معطيات العقل الصحيحة ؛ لأن العقل والوحي كليهما من عند الله تعالى؛ فلا تعارض بينهما أبدا، وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 20458، 39932.
وأما تشويه الأعداء للفتوحات الإسلامية ووصفهم لها بالغزو العربي أو غير ذلك من المسميات فهي لا تخرج عن العداء لهذا الدين وتشويهه. وقد سبق بيان أهداف الفتوحات الإسلامية في عدة فتاوى منها: 39284 ، 98595، 73832.
والذي ننصحك به وننصح به إخواننا جميعا بعد تقوى الله تعالى هوالاستقامة ودعوة هؤلاء الأشخاص لهذا الدين العظيم بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن..
واعلم أن هذا الشخص إذا أصر على وصف زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة بالزواج المشين فهذه ردة، نسأل الله العافية.
وقد سبقت لنا عدة فتاوى في التعامل مع المرتد، انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15238، 17707، 59146.
والله أعلم.