عنوان الفتوى : من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، وعليه تبعات للعباد
من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة هل هذا الحديث صحيح أظن أنه صحيح كيف يدخل الجنة وحقوق العباد والديون لأني أنا واقع في حقوق كثير منها لا أعرف أصحابهم أو لا أعرف بتحديد كل واحد كم له ولا حتى إن أقدر تقديرا لأني غششت كثيرا جدا وعلمت أن الذنوب التي يغفرها الله ما بين العبد وربه إنى غششت كل واحد بعض الحقوق أرجو التوضيح وهل يجب علي أن اذهب إلى كل واحد تعاملت معه أن أطلب منه أن يسامحني لأني عندي شك أن كل واحد اشترى منى أني غششته مع العلم أني كنت أتاجر في السجائر وكنت أظن أن الحرم كله مثل بعضه ما كنت أعرف أنه يوجد فرق في الذنوب بين العبد وربه وبين العبد وإلا ما كنت غششت أبدا أرجو الإجابة على
الخلاصة الفتوى:
الحديث صحيح، ولكنه لا بد من التحلل من المظالم، فتحلل من أصحاب الحقوق ما دمت حيا، واحتط لنفسك وجد في خلاصها، وترض الناس فاطلب منهم السماح وإلا فصالحهم بما يرضيهم، واصدق في التوبة لله تعالى من الغش وأكل أموال الناس بالباطل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ففي الحديث الصحيح عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. رواه أبوداود والحاكم وقال الشيخ الألباني : صحيح. وهذا الحديث يفيد دخول المؤمن الجنة، ولا يمنع من ذلك كونه صاحب تبعات، فمن كانت عليه حقوق للعباد سيطهر بأخذ الحقوق منه قبل دخول الجنة إن لم يكن تاب منها وتحلل أصحاب الحقوق؛ لما في الحديث: من قال: لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما أصابه. رواه الطبراني، وقال المنذري:رواته رواة الصحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع. وفي البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة يأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.
وعليه، فواجبك هو أن تكثر من التوبة والاستغفار والعمل الصالح كفارة لما اقترفته من تجاوز لحدود الله، ومن الغش وأكل أموال الناس بالباطل، وتكثر أيضا من الحسنات استعدادا للمقاصة بينك وبين أصحاب الحقوق، ويتعين عليك السعي في التحلل ممن أمكنك الاتصال به منهم ما دمت حيا، فاحتط لنفسك وجد في خلاصها، وترض الناس فاطلب منهم السماح؛ وإلا فصالحهم بما يرضيهم فقد قال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه. رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم في شأن الغش: من غش فليس مني. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم في التحلل من حقوق العباد :من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. متفق عليه.
هذا، واعلم أن الله جل وعلا إذا علم منك صدق التوبة وكنت عاجزا عن أداء الحقوق إلى أصحابها؛ إما لكونك غير قادر عليها، أو غير قادر للوصول إليهم، أو لأنهم لم يرضوا بالمسامحة، وعجزت أنت عن الأداء فإنه جل وعلا قد يتولى عنك إرضاء هؤلاء يوم القيامة فهو يحب التوابين، وهو واسع الفضل والرحمة الكريم المتعال.
والله أعلم.