عنوان الفتوى : يريد طلاقها بعد ما راعت الله فيه وحفظته في غيابه
تقدم لخطبتي شاب مطلق ولديه ابنة عمرها 8 سنوات وأمه متوفاة وابنته تعيش مع أخته وهو يعيش مع أخته وهو 39 سنة، علما بأنني أبلغ من العمر 25 سنة ورغم فرق السن إلا أنه ملتزم ومن أسرة مرموقة وطيب وحنين وفيه صفات أخلاقيه جميلة جداً وميسور الحال والمادة، استخرت الله ووافقت على الخطبة وكنت سعيدة جداً وبعد شهر من الخطوبة سافر إلى الخارج حيث يعمل وأثناء تللك الفترة حاولت التقرب منه لكي أستطيع أن أفهمه ومرت 10 شهور بدون أي مشاكل لا بينه ولا بين أهله ولا أهلي، أهله يحبوني جداً وابنته تحبني وكأني أمها وبعد عودته من السفر كتبنا الكتاب علي أساس أنه سيسافر وبعد 5 شهور سينزل ونتمم الزواج إن شاء الله وحجزنا العفش والشقة خلصنا كل الذي فيها والحمد لله وبعد سفره بـ 3 شهور بدأت أحوال الشغل عنده تكون غير مستقرة وبدأ في السلف وكثرة الديون عليه قلت له أزمة وإن شاء الله تزول، مرت أيام كثيرة وقطع الاتصال بي وبأهله وبعدها اتصل بأهله ولم يتصل بي وبعد يومين اتصل بي وقال لي إنه يريد الانفصال عني ولم يذكر السبب وقال لأهلي إنه لا يحبني ولا يحس بي ولا بوجودي في حياته، كانت صدمة بالنسبة لي، علما بأنني راعيت ربنا فيه وفي ابنته وفي أهله وحفظت غيابه أكثر من وجوده والله شهيد علي ما أقول، والآن أنا في انتظار توكيل منه لأخيه لكي يقوم بتطليقي نظراً لعدم وجوده هنا، أشعر بظلم فظيع وأن الحياة مسودة أمامي هذا نصيب وقدر، ولكن غصبا عني ماذا أفعل، فأرجو الرد والاحتفاظ بالسرية؟
خلاصة الفتوى:
فمن أصيب بمصيبة فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها، فقولي ذلك واصبري لعل الله يعوضك خيراً منه إن طلقك، واعلمي أن المرء قد يكره ما فيه خيره ويحب ما فيه شره، فليكل أمره إلى الله وليحسن الظن والتعلق به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها، قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيراً منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية: إنه لما مات أبو سلمة قالت: أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن طلقك زوجك فكوني كأم سلمة وقولي كما قالت لعل الله يخلفك خيراً منه، وإذا كان للطلاق صدمة وحسرة وخسارة صاحب الدين والخلق خسارة، فإن ما عند الله خير، وقد قال سبحانه: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وأما عن حكم طلاقه إياك فإن كان لحاجة ومصلحة فهو جائز بلا كراهة وهو أعلم بذلك، وإن كان لمجرد هوى فهو مكروه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 12963، والفتوى رقم: 43627 أن الطلاق تعتريه أحكام الإسلام الخمسة فراجعيها.
والله أعلم.