عنوان الفتوى : الهبة لا تقبل التأقيت ولا التعليق
أعمل في شركة مساهمة مجال عملها في الإنشاءات، و تقوم الشركة في نهاية كل عام بإعطائنا حوافز تكريمة عن أعمال السنة في صورة أسهم.وشروط الشركة أنه لا يمكن للموظف أن يبيع الأسهم التي يمتلكها إلا بعد مرور ثلاثة أعوام على استلامها على أنه لا يبيع إلا نصف الكمية المسموح بيعها، مع العلم أن البيع يكون للشركة نفسها وبسعر السوق بالإضافة إلى أن البيع مسموح به مرتين في العام في شهر مايو وشهر نوفمبر في أول خمسة أيام من الشهر.
خلاصة الفتوى:
ما ذكرته من الشروط لا يصح في الهبة، وإذا وجد كان ملغى عند كثير من أهل العلم. وإذا لم تكن الشركة ممن تناله الأحكام كانت تلك الأسهم في حكم المال المغصوب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من أن الشركة التي تعملون فيها تقوم في نهاية كل عام بإعطائكم حوافز تكريمية عن أعمال السنة في صورة أسهم. وتشترط على الموظف أن لا يبيع الأسهم إلا بعد مرور ثلاثة أعوام على استلامها، وأن لا يبيع إلا نصف الكمية المسموح ببيعها، وأن البيع يكون للشركة نفسها، إلى آخر ما ذكرته...
نقول: إن مثل هذه الشروط لا يصح أن تكون في الهبة؛ لأن الهبة لا تقبل التأقيت ولا التعليق.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما يلي: اتفق الفقهاء على أن الهبة لا تقبل التأقيت؛ لأنها كما قال الحنفية: تمليك للعين في الحال بلا عوض, فلا تحتمل التأقيت قياسا على البيع. ولأن تأقيتها أو تأجيلها يؤدي إلى الغرر كما قال المالكية. وذكر النووي أن الهبة لا تقبل التعليق على الشرط, ولا تقبل التأقيت على المذهب. اهـ.
وإذا تقرر أن هذه الشروط لا يصح أن تكون في الهبة فإن كثيرا من أهل العلم يرون بطلان الشروط الفاسدة ومضي الهبة. قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: ومنها الهبة وهي لا تبطل بالشرط الفاسد. اهـ.
وقال صاحب كنز الدقائق: وما لا يبطل بالشرط الفاسد القرض والهبة ... اهـ.
وقال في مطالب أولي النهى: (ولا) يصح (اشتراط ما ينافيها) أي: الهبة (كأن) يشترط الواهب على المتهب أن (لا يبيعها) أي: العين الموهوبة (أو لا يهبها أو لا يأكلها ونحوه) كلا يلبس الثوب الموهوب; فلا يصح الشرط; إذ مقتضى الملك التصرف المطلق, فالحجر فيه مناف لمقتضاه (وتصح هي) أي: الهبة المشروط فيها ما ينافي مقتضاها مع فساد الشرط كالبيع بشرط أن لا يخسر. اهـ.
وبناء على ما تقدم فإنكم -إذاً- قد ملكتم هذه الأسهم منذ أن وُهبت لكم، ولا اعتبار لشروط الشركة.
وعلى كل واحد منكم أن يزكي نصيبه منها إذا كان يبلغ النصاب بنفسه أو بما انضم إليه مما هو في ملككم من نقود أخرى أوعروض تجارة وحال عليه الحول وهو عندكم.
وهذا على تقدير أن الشركة المانحة هي ممن تناله الأحكام، وأما لو كان غير ذلك، وعرفتم أنها لن تقبل تصرفكم في هذه الأسهم إلا بالشروط التي أقرتها هي، فإن حكم زكاة الأسهم -حينئذ- هو حكم زكاة المال المغصوب. وقد بينا من قبل حكم زكاة المال المغصوب، ولك أن تراجع فيها فتوانا رقم: 29749.
والله أعلم.